جَزَى رَبُّهُ عَنِّيْ[1] عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ * جَزَاءَ الْكِلاَبِ الْعَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَلَ, وقولِه: لَمَّا عَصَى أَصْحَابُهُ مُصْعَباً[2] * أَدَّى إلَيْهِ الْكَيْلَ صَاعاً بِصَاعٍ, ورُدّ بأنّ الضمير[3] للمصدر المدلول عليه بالفعل أي: ربُّ الجزاء وأصحابُ العصيان كقوله تعالى: ﴿ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة:٨] أي: العدل, وأمّا قوله: جَزَى بَنُوْهُ أبَا الْغِيْلاَنِ عَنْ كِبَرٍ[4] * وَحُسْنِ فِعَالٍ كَمَا يُجْزَى سِنْمَارُ, وقوله: ألاَ لَيْتَ شَعْرِيْ[5] هَلْ يَلُوْمَنَّ قَوْمُهُ * زُهَيْراً عَلَى مَا جَرَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ,
[1] قوله: [عَنِّيْ] عَنْ ههنا للبدل كما في قوله تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا لَّا تَجۡزِي نَفۡسٌ عَن نَّفۡسٖ شَيۡٔٗا﴾ [البقرة:٤٨]. قوله جَزَاءَ الْكِلاَبِ إن كان لفظ الكلاب على حقيقته فجزاؤها هو الطرد بالحجارة وإن كان المراد به شرار الناس فجزاؤهم هو العذاب والعقاب. قوله الْعَاوِيَاتِ أي: الصائحات. قوله وَقَدْ فَعَلَ أي: فعل الله ذلك وأجاب مسئلتي, وهذه الجملة لإظهار الرغبة في قبول دعائه.
[2] قوله: [مُصْعَباً] وهو ابن الزبير رضي الله تعالى عنه كان حاكماً بالعراق, ركب إليه عبد الملك بن مروان من الشام فتفرّق عنه أصحابه فظفر به وقتله. قوله أَدَّى إِلَيْهِ إلخ أي: كافاه بما صنع رأساً برأس, يقال جزاه كيل الصاع بالصاع أي: كان إحسانه بمثله وإسائته بمثلها.
[3] قوله: [ورُدّ بأنّ الضمير إلخ] أي: ورُدّ الاستشهاد بالبيتين بأنّا لا نسلِّم أنّ الضميرين يرجعان إلى عَدِيَّ ومُصْعَباً بل إلى المصدرين اللذَينِ يدلّ عليهما جَزَى وعَصَى وهما الجزاء والعصيان.
[4] قوله: [عَنْ كِبَرٍ] عَنْ ههنا إمّا للسببيّة كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا نَحۡنُ بِتَارِكِيٓ ءَالِهَتِنَا عَن قَوۡلِكَ﴾ [هود:٥٣] أو بمعنى بعد كما في قوله تعالى: ﴿لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ﴾ [الانشقاق:١٩]. قوله كَمَا يُجْزَى الأصل: كَمَا جُزِيَ والعدول إلى المضارع لاستحضار صورة ذلك الفعل الشنيع. قوله سِنْمَارُ وهو رجل روميّ بَنَى الخورنق بظهر العراق فلمّا أتمّها خاف النعمان أن يبني مثلها لغيره فألقاه من أعلاها فمات.
[5] قوله: [لَيْتَ شَعْرِيْ إلخ] حذف خبر لَيْتَ وجوباً لقيام الجملة الاستفهاميّة مقامه, والمعنى ليت علمي حاصلاً بجواب هذا السؤال. قوله جَرَّ من الجريرة وهي الجناية أي: على جنايته عليّ.