منه اللوم فلم يشاركه أحدٌ, لكنّ مقابلة[1] المدح باللوم دون الذمّ أو الهَجاء ممّا عابه الصاحبُ, قال المصنّف[2] فإنّ في أمدحه ثقلاً لما بين الحاء والهاء من التنافر ولعلّه أراد أنّ فيه شيئاً من الثقل والتنافر فإذا انضمّ إليه أمدحه الثاني تضاعف ذلك الثقل وحصل التنافر المُخِلّ بالفصاحة ولم يرد أنّ مجرّد أمدحه غير فصيح فإنّ مثله واقع في التنزيل نحو ﴿فَسَبِّحۡهُ﴾ [ق:٤٠] والقول[3] باشتمال القرآن على كلام غير فصيح ممّا لا يجترئ عليه المؤمنُ, صرّح بذلك[4] ابن العميد وهو أوّل من عاب هذا البيت على أبي تمام حيث قال هذا التكرار في أمدحه أمدحه مع الجمع بين الحاء والهاء وهما من حروف الحلق
[1] قوله: [لكنّ مقابلة إلخ] استدراك لدفع توهّم عدم وجود عيب في البيت, وحاصل الدفع أنّ فيه مقابلةَ المدح باللوم وهو ممّا عابه الصاحب إسمعيل بن عبّاد لأنّ المدح إنّما يقابل بالذمّ أو الهَجاء دون اللوم, وأجيب بأنّ في مقابلة المدح باللوم إشارة إلى أنّ الهجو والذمّ بعيد من الممدوح بمراحل حتّى أنه إنْ ترك مدحه فغاية ما يتصوّر في شأنه هو اللوم فقط وهو أيضاً ممّا لا يستحقّه عند أحد.
[2] قوله: [قال المصنّف إلخ] أي: في "الإيضاح", وغرض الشارح من نقل كلامه توجيهه بقوله ولعلّه أراد إلخ وذلك لأنّ ظاهر كلامه يقتضي أن يكون مثل ﴿فَسَبِّحۡهُ﴾ غير فصيح وهو كما ترى, وحاصل توجيه الشارح أنه ليس مراده أنّ مجرّد الاجتماع بين الحاء والهاء سبب للثقل والتنافر المُخِلّ بالفصاحة فلا يكون مجرّد أمدحه غير فصيح ولا يلزم كون ﴿فَسَبِّحۡهُ﴾ خارجاً عن الفصاحة.
([3]) قوله: [والقول إلخ] إن قيل لا يلزم من عدم فصاحة أمدحه من غير تكرار عدم فصاحة فسبِّحه حتّى يلزم القول المذكور لجواز أن يطرأ ههنا ما يمنع السببيّة كما سبق مثله, قيل إنّ المذكور فيما سبق إنّما هو في الكلمة دون الكلام حيث قالوا ولكلّ كلمة مع صاحبتها مقام ليس لها مع كلمة أخرى, ولفظ فسبِّحه كلام كما أشار إليه بقوله على كلام غير فصيح.