عنها حيناً وكذا الكتابة أعني: حركات الكاتب والأحرف المرسومة وأمّا المقروء بالقراءة المكتوب في المصاحف المحفوظ في الصدور المسموع بالآذان فقديم ليس حالاًّ في لسان ولا في قلب ولا في مصحف؛ لأنّ المراد به المعلوم بالقراءة المفهوم من الخطوط ومن الأصوات المسموعة. إلخ.
أقول: لعمري إنّ من صعوبة هذا المرمى أنّهم كلّما سمعوا ما هو قاض بخلاف مزعومهم لم تذهب أذهانهم إلاّ إلى مفهومهم كما علمت من حمل القاري حديث التجلّي على التجوّز ومنه هذا، فالأئمّة مصرّحون بأنّ القراءة حادثة والمقروء قديم والكتابة حادثة والمكتوب قديم وسمعنا حادث والمسموع قديم وحفظنا حادث والمحفوظ قديم –أي: أنّ أفعالنا الحادثة هذه إنّما ظهر فيها ما هو قديم فالمجالي حادثة والمتجلي قديم وهذا هو الحق الناصح قطعاً- والعلامة يقول: معناه أنّ هذه الأوصاف كلّها للحادث حقيقة وإنّما وصف بها القديم مجازاً فسبحان الله أين هذا من ذاك!؟
وثانياً: هذا إمام السنّة الباذل نفسه لرضاء ربّه وإعظام كلامه وإرضاء حبيبه –جلّ وعلا وصلّى الله تعالى عليه وسلم- سيّدنا الإمام الهمام أحمد بن حنبل[1]
[1] هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ابن هلال بن أسد بن إدريس أبو عبد الله الذهلي الشيباني المروزي ثمّ البغدادي، أحد الأئمّة الأعلام، صاحب المذهب الحنبلي، ولد في ربيع الأول سنة ١٦٤ﻫ. كان فقيهاً، مجتهداً، محدّثاً، ومفسّراً وأتمّ عقلاً وأشدّ تقوى. توفي بـ"بغداد" لثلاث عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول وقيل: من ربيع الآخر سنة ٢٤١ﻫ. من تصانيفه الكثيرة: "المسند" يحتوي على نيف وأربعين ألف حديث، "الناسخ والمنسوخ"، "كتاب الزهد"، "الرسالة السنيّة في الصلاة"، و"الأشربة"، "علل الحديث"، "معرفة الرجال"، "طاعة الرسول"، و"كتاب الفرائض". ("هدية العارفين"، ١/٤٨، "معجم المؤلفين"، ١/٢٦١، "سير أعلام النبلاء"، ٩/٤٣٤.