أقول: وإنّما العجب كلّ العجب أنّهم يعترفون بأنّ هذا مذهب السلف ثمّ يعدلون عنه ويقولون بملأ فيهم: إنّ لله كلامين: قديماً وحادثاً وإنّ المكتوب المقروء المسموع المحفوظ حادث قطعاً وإنّما القديم شيء غيره يدلّ هذا عليه ثمّ يتحيّرون في وجه الدلالة فيقولون: دلالة اللفظ على المعنى ويرد عليه الإشكال فينسلّ بعضهم إلى دلالة الأثر على المؤثر.
ومن تحيّرهم أن قال الآمديّ[1] في "أبكار الأفكار"[2]: والحق أنّ ما ورد من الإشكال على القول باتّحاد الكلام [أي: عدم كونه في حدّ ذاته متنوّعاً إلى الأمر والنهي والاستفهام والخبر والنداء] وعود الاختلاف [أي: بالأقسام الخمسة] إلى التعلقات والمتعلّقات مشكل، وعسى أن يكون عند غيري حلّه، اﻫ.
وقال جلبي[3]: الحق أنّ الأمر مشكل إذا كان الكلام النفسي عين المدلول الوضعي للكلام اللفظي أمّا إذا كان التعبير عن النفسي من قبيل التعبير بالأثر عن المؤثر كما مرّ فلا إشكال فتأمّل، اﻫ.
[1] هو علي بن محمد بن سالم التغلبي، أبو الحسن، سيف الدين الآمدي: أصولي، باحث. (ت٦٣١ﻫ، من كتبه: "الإحكام في أصول الأحكام"، ومختصره: "منتهى السول"، "أبكار الأفكار" و"دقائق الحقائق" وغيرها. (الأعلام للزركلي، ٤/٣٣٢.
[2] "أبكار الأفكار"، القسم الأوّل، النوع الثاني، المسألة الخامسة، ١/٤٠٠.
[3] حاشية جلبی على "شرح المواقف"، المرصد الرابع، المقصد السابع، الجزء الثامن، ٤/١١٣.