عنوان الكتاب: تنبيه القلوب من عواقب المعاصي والذنوب

ثمّ قلتُ له: يا أخي! أين تلك الصلاة والصيام والتهجّد والقيام!؟

فقال: يا أخي! كلُّ ذلك كان لغير وجه الله وإنّما كنتُ أفعَلُ ذلك ليُقال عنّي وأذكر به، وكنتُ أفعلُ ذلك رئاءَ الناس، فإذا خلوتُ بنفسي أغلقتُ البابَ وأرخيتُ الستور وشربتُ الخمور وبارزتُ ربّي بالمعاصي ودمتُ على ذلك مدّةً، فأصابني مرضٌ أشرفتُ فيه على الهلاك، فقلتُ لابنتي هذه: ناوليني المصحفَ.

ففعلتْ فأخذتُه فجعلتُ أقرأُ فيه حرفًا حرفًا حتّى بلغتُ سورةَ يس فرفعتُ المصحفَ وقلتُ: اللّهمّ بحقّ هذا القرآن العظيم إلّا ما شفيتني وأنا لا أعودُ إلى ذنبٍ أبدًا، ففرّج الله عنّي.

فلمّا شفيتُ عدتُّ إلى ما كنتُ عليه من اللّهو واللّذّاتِ والزهوِ، وأنسأني الشيطانُ العهدَ الّذي كان بيني وبين ربّي، وبقيتُ على ذلك مدّةً من الزمان فمرضتُ مرضًا أشرفتُ فيه على الموت، فأمرتُ أهلي أنْ يخرجوني إلى وسط الدار على عادتي، ثمّ دعوتُ بالمصحف فقرأتُ فيه ثمّ رفعتُه وقلتُ: اللّهمّ بحرمة ما في هذا المصحف الكريم من كلامك القديم إلّا ما فرّجتَ عني، فاستجاب الله منّي وفرّج عنّي.

ثمّ عدتُ إلى ما كنتُ عليه من الهوى والغيّ فوقعتُ في هذا المرض، فأمرتُ أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كما تراني، ثمّ دعوتُ بالمصحف لأقرأَ فيه فلم يتبيّن لي فيه حرف واحد، فعلمتُ أنّ الله قد غضب عليّ،


 

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

31