النهر[1]: (طهّره محمد) وعليه ابتنی ردّ قول من قال: إنّه في زماننا استغنی عنه فينبغي أن لا يجوز استعماله عند الکل لانعدام الضرورة قائلاً[2]: (فيه نظر؛ لأنّ محمداً لم يقصر جواز استعماله علی الضرورة، [وردّ علی الدرر تعليله بالضرورة بأن لو کان کذلک لَقال إنّ الماء القليل ينجس بوقوعه فيه لعدم الضرورة] [3] وليس کذلک، ولأنّ صريح قوله في النهر: وأثر الخلاف يظهر فيما لو صلّی ومعه من شعر الخنزير ما يزيد علی الدرهم أو وقع في الماء القليل يأباه، وبما قرّرناه يظهر ما في الدرر من المنافاة حيث علّل طهارته عند محمد بضرورة الاستعمال، ثم فرّع عليه: أنّ الماء لا ينجس بوقوعه فيه) اﻫ.
أقول: ولعلّک إذا تأملت فيما ألقينا عليک علمتَ أنّ هذا کلّه في غير محلّه، وحاشا محمداً أن يبيح الانتفاع به بلا ضرورة مع قول الله تعالی: ﴿فَإِنَّهُۥ رِجۡسٌ﴾[الأنعام: ١٤٥]، وإنّما الأمر ما بيّنّا أنّه أباح للضرورة، ومن ضرورة الإباحة سقوط النجاسة، وإذا سقطت جازت الصلاة ولم يفسد الماء، فمحمد اعتبر زمان الضرورة ولم يعتبر خصوص محلّها، وأبو يوسف اعتبر الأمرين جميعاً وهو الصحيح، لا جرمَ نصّ في البرهان شرح مواهب