.......................................................................[1]
.......................................................................
هو حكم جواز كتابة القرآن الكريم بالبول ليس من مقتضى الإيمان والأمانة والدين والديانة، وكأنّه ثرثر كافر نصراني أو يهودي بأنّ المكتوب في القرآن المجيد حكم حلّ أكل الخنزير، وعرض في الثبوت آية: ﴿فَمَنِ ٱضۡطُرَّ غَيۡرَ بَاغٖ وَلَا عَادٖ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِۚ﴾ [البقرة: ١٧٣] أوكأنّه ثرثر نيشري [تنتمي إلى سيّد أحمد خان بن محمد تقي خان (١٢٣٢-١٣١٥ﻫ) أنشأ مذهباً جديداً أنكر فيه الملائكة والجنّ والجنّة والنّار والنبوة والمعجزة وأعاد كلّ ما يجري في الدهر إلى نيشر أي: الفطرة، (حدوث الفتن وجهاد أعيان السنن لمحمد أحمد المصباحي، صـ٦٤)]: إنّ الله تعالى قد جوّز الكلام بكلمات كفريّة، وقرأ آية سنداً: ﴿إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [النحل: ١٠٦]. فلا محالة يقال لهؤلاء المفترين الكذّابين: إنّ القرآن العظيم قد حرّم قطعاً أكل الخنزير والكلام بكلمة الكفر، أمّا كلامكم هذا فافتراء محض وبهتان، نعم! إن خشي عليه الموت ولم يوجد هناك ما سوى الحرام ففي هذا المقام حكم جواز لحفظ النفس وكذلك إن خشي عليه القتل من ظالم لا يترك بدون إظهار الكفر أو يفقأ العين أو يقطع عضواً من اليد أو الرِجل فرخص في هذه الحالة أن يُظهر شيئاً من الكفر بإيمان خالص في القلب حفظاً للجسم والنفس وهذا حقّ وعين الرحمة والمصلحة قطعاً. فتعبيركم هذه الرخصة بثبوت حكم الجواز مطلقاً في القرآن الكريم بهتانٌ عظيم وشرّ صريح وخباثة قبيح، وهذا هو الجواب نفسه عن اعتراض هؤلاء الغير المقلّدية.
خامساً: يقول الفقير غفر الله تعالى له: إذا رزق الله تعالى النظر الغائر الدقيق فعند التحقيق مرجع كلام العلماء ومآله المنع دون التجويز والإجازة؛ لأنّهم يشترطون بأنّه لو كان الشفاء به معلوماً مع أنّه لا طريق إلى هذا العلم إذا اعتبرت العلم بمعنى اليقين فالظاهر أنّ اليقين لا يحصل في الأدوية ظاهرة الأثر وواضحته ومجرّبته ومعقوله، وأكثر ما يحصل هو الظنّ فقط، ففي ردّ المحتار: (قد علمت أنّ قول الأطباء لا يحصل به العلم). [انظر ردّ المحتار، كتاب الطهارة، باب المياه، ١/٧٠٣].
وإذا اعتبرته شاملاً للظنّ أيضاً فغاية ما يكون هذه الكتابة من قبيل الرقية دون المعالجات الواضحة الطبية، وقد صرّح العلماء بأنّ الشفاء بمثل هذه المعالجات ليس مظنوناً فضلاً عن أن يكون معلوماً، وإنّه موهوم فقط.
وفي الهندية عن فصول العمادي: (الأسباب المزيلة للضرر تنقسم إلى مقطوع به كالماء للعطش والخبز للجوع وإلى مظنونٍ كالفصد والحجامة وشرب المسهّل وسائر أبواب الطب، يعني معالجة البرودة بالحرارة والحرارة بالبرودة، وهي الأسباب الظاهرة في الطب، وإلى موهوم كالكي والرقية). (الهندية، كتاب الكراهية، ٥/٣٥٥، ملتقطاً).
فانظر أنّ العلماء قد صرّحوا بأنّ حكم الجواز إن كان الشفاء به معلوماً، ومع ذلك صرّحوا بأنّ الشفاء به غير معلوم، فهل الحاصل من كلامهم أنّه يجوز أم لا يجوز قطعاً...؟ ففي الحديث الصحيح: ((كان نبيّ من الأنبياء يخطّ فمن وافق خطّه فذاك)). رواه مسلم في صحيحه وأحمد وأبو داود والنسائي عن معاوية بن الحكم رضي الله تعالى عنه.(أخرجه مسلم في صحيحه (٥٣٧)، كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة... إلخ، صـ٧٦١، لم نجد هذه الألفاظ في نسخة دار ابن حزم، بيروت ولكن وجدنا في نسخة دار السلام، الرياض).
فإذن الاستدلال بهذا الحديث بأنّه -صلّى الله تعالى عليه وسلّم- أجاز الرمل ليس صحيحاً؛ لأنّ الحديث مفيد المنع صراحةً، فإنّه صلّى الله عليه وسلّم اشترطه بشرط موافقته بخطّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهذا غير معلوم، فالجواز غير ثابت. فقال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتاب الصلاة باب تحريم الكلام، تحت الحديث