قال في الفتح[1] وعنه أخذ البحر[2]: (قولهم: ضربتان يفيد أنّ الضرب ركن، ومقتضاه أنّه لو ضرب يديه فقَبل أن يمسح أحدث لا يجوز المسح بتلك الضربة؛ لأنّها ركن، فصار كما لو أحدث في الوضوء بعد غسل بعض الأعضاء، وبه قال السيّد أبو شجاع، وقال القاضي الإسبيجابي: يجوز كمن ملأ كفّيه ماءً فأحدث ثم استعمله... إلخ).
أقول: والمراد من ملأ كفّيه ماءً أوّل الوضوء ليغسل به يديه إلى رسغيه؛ لأنّه لم يزد هذا الحدث إلاّ ملاقاة الماء كفّاً ذاتَ حدثٍ، وقد كان هذا حاصلاً قبل هذا الحدث؛ لأنّه كان محدثاً من قبل، فكما جاز للمحدَث أن يملأ كفّيه ماءً يغسل به يديه، ولا يكون به مستعملاً للماء المستعمل؛ لأنّ الاستعمال بعد الانفصال فكذا إذا أحدث بعد الاغتراف، أمّا مَن غسل يديه ثمّ اغترف للوجه فأحدث لم يجز له أن يغسل به وجهه كما أشار إليه بقوله[3]: (أحدث بعد غسل بعض... إلخ)، وذلك لأنّ الماء ينفصل عن يدٍ محدثةٍ فيصير مستعملاً فلا يبقى طهوراً فافهم.
أقول: وفيه أنّ الضربة وإن لم تكن ركناً لا شكّ أنّ الحدث قد زال بها من الكفّين؛ ولذا لا يمسحهما بعد على الصّحيح، كما يأتي صـ٢٤٦[4] فكان هذا الحدث بعد طهارة بعض الأعضاء، فكان كالصورة الأخيرة التي ذكرنا، تأمّل.