الظنّ، أي: قبل أن يسأل فيظهر تحقيق ظنّه أو خيبته. ثمّ أقول: ما روي عن محمّد -رحمه الله تعالى- يحتمل تأويلين:
الأوّل: أنّ بطلت بمعنى ستبطل، كما هو معروف في كلماتهم في غير ما مقامٍ، وقد بينّاه في رسالتنا فصل القضاء في رسم الإفتاء[1].
الثاني: أنّ المعنى: أنّ حكم نفس هذه الصورة هو البطلان حتى لو لم يزد على هذا ومضى على صلاته ولم يسأل بعدها حكم ببطلانها سواء أعطاه صاحب الماء بدون سؤال أو لا.
وعبارة الفتح[2] هكذا: (جماعة من المتيمّمين وهب لهم صاحب الماء فقبضوه لا ينتقض تيمّم أحد منهم؛ لأنّه لا يصيب كلاًّ منهم ما يكفيه على قولهما، وعلى قول أبي حنيفة -رضي الله تعالى عنهم- لا تصحّ هذه الهبة للشيوع، ولو عيّن الواهب واحداً منهم يبطل تيمّمه دونهم حتى لو كان إماماً بطلت صلاة الكلّ، وكذا لو كان غير إمام إلاّ أنّه لما فرغ القوم سأله الإمام فأعطاه تفسد على قول الكلّ؛ لتبيّن أنّه صلّى قادراً على الماء. واعلم أنّهم فرّعوا: لو صلّى بتيمّم فطلع عليه رجل معه ماء، فإن غلب على ظنّه أنّه يعطيه بطلت قبل السؤال، وإن غلب أن لا يعطيه يمضي على صلاته، وإن أشكل عليه يمضي ثم يسأله فإن أعطاه ولو بيعاً بثمن المثل ونحوه أعاد، وإلاّ فهي تامّة. وكذا لو أعطاه بعد المنع إلاّ أنّه يتوضّأ هنا لصلاة أخرى، وعلى هذا فإطلاق فساد الصّلاة في صورة سؤال الإمام، إمّا أن يكون محمولاً على حالة