عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الثاني)

أقول: لا شكّ أنّ كلّ جنابةٍ معها حدث مقارن لها لازم بها، ولا كلام أنّه يكفيه التيمّم لها ولا يحتاج إلى الوضوء به بل صريح قضية البدائع[1] أنّه لا يحلّ؛ لأنّه إضاعة للماء، إنّما الكلام في حدث غيرها منفصل عنها، وذلك بوجهين: إمّا حدث سابق عليها كمن بال ولم يتوضّأ ثمّ أجنب، أو متأخّر عنها كمن أجنب ثم بال، وكلامهم يفيد أن لا وضوء عليه من الحدث السابق، أقول: كيف! ومن النادر جدّاً خلو الجنابة عن حدث سابق، فإنّها إن كانت بالإيلاج فقد تحقّق قبله المباشرة الفاحشة، وإن كانت بالاحتلام فقد تحقّق قبله النوم، وإن كانت بالإمناء بنظر أو مسّ فقد تقدّمه خروج مذي عادةً، وإن فرض أنّه لم يسبقه نومٌ ولا مباشرةٌ ولا مذيٌ بل كما مسّ أو نظر أمنى ولم يخرج المذي إلاّ مع المني حتّى لم يسبق الجنابة حدث، فتلك من أندر الصور، ولا تبنى الأحكام على مثلها، أمّا الحدث اللاحق فقصر الكلام فيه على ما إذا أحدث بعد تيمّمه للجنابة، وهذا لا شكّ أنّه يوجب الوضوء إذا كان معه ماء يكفيه، بقي ما إذا أحدث بعد الجنابة قبل التيمّم  لها كمن أجنب ثم بال أو نام ثم تيمّم لها ومعه ماء يكفيه للوضوء فهل عليه أن يتوضّأ -كما لو أحدث بعد التيمّم- أم أجزأه التيمّم عنهما فلا يتوضّأ؟، هذا الأخير هو المنصوص عليه في نسخة عتيقة من الخانية، وعبارة سائر النسخ الثلاث التي عندي سقط فيها وإن زعم خلافه يوسف قَره باغي[2] على صدر


 

 



[1] البدائع، كتاب الطهارة، فصل في شرائط ركن التيمم، ١/١٧٦.

[2] هو يوسف بن محمّد جان القره باغي، (ت١٠٣٥ﻫ)، من تصانيفه: تتمّة الحواشي في إزالة الغواشي على شرح الجلال للعقائد العضدية، حاشية على حاشية الجلال.                                 (هدية العارفين، ٢/٥٦٦).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

440