وكذلك مسألة مَن قاء فصلّى بعد زمان ولم يغسل فمه كما في الحلبة عن الخانية صـ١٨٨[1]، وبمراجعتها أعني: الحلبة تحرّر أنّ في المسألة ثلاثة أقوال لأئمّتنا الثلاثة رضي الله تعالى عنهم، فقال محمّد: لا يجوز مطلقاً؛ إذ لا طهارة عنده بغير الماء المطلق، وقال أبو يوسف: يجوز لكن بشرط الإسالة، وهو الذي مشى عليه في الخانية[2] والفتح[3] والولوالجية[4]، واختاره الفقيه أبو جعفر، وقال الإمام الأعظم: يجزيه مطلقاً سال أو لم يسل إذا زالت النجاسة؛ لأنّه عمِلَ عمل الغَسل، كما في محيط رضي الدين، وعليه مشى في الذخيرة وتتمّة الفتاوى[5] وغيرهما، والمسائل الخمس المارّة مبتنية على قول صاحب المذهب رضي الله تعالى عنه وهو الأوسع والأوفق والأظهر وجهاً، وهو قول الإمام، وقد اختلف اختيار المرجّحين، فعليه فليكن التعويل, ثم لا شكّ أنّ هذا إنّما هو في البدن دون الثوب، ولذا قيّده في الحلبة بنجاسة أصابت بعض أعضائه، (فتحصل) أنّ النجاسة التي على البدن تطهر بالمسح بمائعٍ مزيل حتى تزول أو يغلب على الظنّ زوالها، ولا يشترط إسالة ولا خصوص ماءٍ فاحفظ, والله تعالى أعلم.
[1] الحلبة، الطهارة الكبرى، فصل في الآسار، ١/٥٩٠، ٦٤١-٦٤٢،٦٥٢، ملخصاً.
[2] الخانية، كتاب الطهارة، فصل في النجاسة الّتي تصيب الثوب والبدن، ١/١٣، ملخصاً.
[3] الفتح، كتاب الطهارات، باب الأنجاس وتطهيرها، ١/١٧١، ملخصاً.
[4] الولوالجية، كتاب الطهارة، الفصل الثاني، ١/٤٣، ملخصاً.
[5] تتمّة الفتاوى: للإمام برهان الدين محمود بن أحمد، صاحب المحيط البرهاني (ت٦١٦ﻫ).
(كشف الظنون، ١/٣٤٣-٣٤٤).