عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

ولذا قالوا[1] وجه الشبه بين العلم والحيوة كونهما جهتي إدراك, ألا ترى[2] أنك إذا قلتَ: فُلان يعلم النحو لا تريد أنّ جميع مسائله حاضرة في ذهنه بل تريد أنّ له حالةً بسيطة إجماليّة هي مبدأ لتفاصيل مسائله بها يتمكّن من استحضارها, ويجوز[3] أنْ تريد بالعلم نفس الأصول والقواعد لأنه كثيراً ما يطلق عليها, ثُمّ المعرفة[4] يقال لإدراك الجزئيِّ أو البسيطِ والعلم للكليِّ أو المركّبِ, ولذا[5] يقال: عرفت الله دون علمته , وأيضاً المعرفة


 



[1] قوله: [ولذا قالوا إلخ] إثباتٌ لإطلاق العلم على الملَكة أي: ولأجل أنّ العلم يطلق على الملَكة صحّ ما قالوا من أنّ وجه الشبه بين العلم والحيوة كون كلّ منهما جهة للإدراك أي: سبباً له وظاهر أنّ سبب الإدراك الملَكة لا الإدراك إذ الشيء لا يكون سبباً لنفسه ولا المسائل إذ هي متعلَّقات الإدراك لا سببه.

[2] قوله: [ألا ترى إلخ] تنوير لإطلاق العلم على الملَكة بوقوعه في الكلام بأنك تقول: فلان يعلم النحو ولا تريد بالعلم إدراكَ جميع المسائل لأنه متعذِّر لعدم الانحصار ولا جميعَ المسائل وهو ظاهر بل تريد به ملَكة الاستحضار. قوله أنّ له حالةً بسيطة إجماليّة الظاهر أنّ المراد بهذه الحالة ملَكة الاستحضار. قوله هي مبدأ إلخ أي: هي سبب لتفاصيل مسائل النحو وبتلك الحالة يتمكّن من استحضارها.

[3] قوله: [ويجوز إلخ] عطف على المحذوف أي: المراد بالعلم الملَكة ويجوز إلخ, فهذا بيان للاحتمال الثاني في المراد بالعلم. قوله لأنه كثيراً مّا إلخ تعليل لجواز الإرادة المذكورة, وتفصيل المقام أنّ المعنى الحقيقيّ للعلم الإدراك, وللإدراك متعلَّقٌ هو المعلوم وله تابعٌ في الحصول هو الملَكة, وقد أطلق العلم على كلٍّ منهما إمّا حقيقة عرفيّة أو مجازاً مشهوراً, واختار الشارح حمله على الملَكة لأنّ إطلاقه عليها أكثر في العرف من إطلاقه على المعلوم أعني الأصول والقواعد والمسائل, ولأنّ العلم بمعنى الملَكة سبب قريب لمعرفة الأحوال بخلاف العلم بمعنى المسائل فإنه سبب لها بواسطة الملَكة فهو سبب بعيد.

[4] قوله: [ثمّ المعرفة إلخ] تمهيدٌ لبيان وجه اختيار لفظ المعرفة دون العلم في قوله يعرف به إلخ, وحاصل ما ذكره الشارح هو الفرق بين المعرفة والعلم من ثلاثة وجوه: الأوّل أنّ المعرفة تقال لإدراك الجزئيّ والعلم يقال لإدراك الكليّ, والثاني أنّ المعرفة تقال لإدراك البسيط والعلم يقال لإدراك المركَّب, والثالث أنّ المعرفة تقال للإدراك المسبوق بالعدَم أو للإدراك الأخير من الإدراكين لشيء واحد إذا تخلّل بينهما عدَم والعلم يقال للإدراك المجرَّد عن هذين القيدين بمعنى أنه لم يعتبر فيه شيء منهما.

[5] قوله: [ولذا إلخ] أي: ولأجل الفرق الأوّل والثاني بين المعرفة والعلم يقال عرفت الله لأنه جزئيّ حقيقيّ بسيط ولا يقال علمت الله لأنه ليس بكليّ ولا مركَّب.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400