عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

للإدراك المسبوق بالعدَم أو للأخير من الإدراكين لشيء واحدٍ إذا تخلّل بينهما عدَم بأن أدرك أوّلاً[1] ثُمّ ذهل عنه ثُمّ أدرك ثانياً, والعلم للإدراك المجرّد من هذين الاعتبارين, ولذا[2] يقال: الله تعالى عالم ولا يقال: عارف , والمُصنِّف قد جرى على استعمال المعرفة في الجزئيات فقال[3] (يُعرَف به أحوال اللفظ العرَبيّ) دون يُعلَم , فكأنه قال هو علم يُستنبَط منه[4] إدراكاتٌ جزئيّةٌ هي معرفة كلّ فرد فرد[5] من جزئيّات الأحوال المذكورة بمعنى أنّ أيَّ فرد يوجد منها[6] أمكننا أن نعرفه بذلك العلم لا أنها تحصل


 



[1] قوله: [بأن أدرك أوّلاً إلخ] تصوير لتخلّل العدم بين الإدراكين لشيء واحد. قوله ثمّ أدرك ثانياً يرد عليه أنّ الحاصل بعد الذهول ليس بإدراك بل هو التفات فلا يصحّ إطلاق الإدراك عليه, والجواب أنّ المراد بالذهول ذهول يُفضِي إلى نسيان مُحوِّج إلى كسب جديد فيكون إدراكاً, والحقّ أنّ الذهول زوال الصورة عن المُدرِكة فيكون الموجود بعده إدراكاً وإن كان بلا كسب جديد.

[2] قوله: [ولذا إلخ] أي: ولأجل الفرق الثالث بين المعرفة والعلم يقال الله تعالى عالم ولا يقال الله عارف لأنه تعالى منزَّه عن الذهول وعن كون إدراكه مسبوقاً بالعدَم وعن كلّ ما لا يليق بشأنه تعالى.

[3] قوله: [فقال] الفاء لتفصيل الجري على استعمال المعرفة في الجزئيّات لا للتفريع, والدليل على أنّ إيراد المعرفة ههنا للجري المذكور أنّ المصـ قال في "الإيضاح" الذي كالشرح لهذا الكتاب: قيل يُعرَف دون يُعلَم رعايةً لما اعتبره بعض الفضلاء من تخصيص استعمال العلمِ في الكليّات والمعرفةِ في الجزئيّات.

[4] قوله: [هو علم يُستنبَط منه إلخ] أي: يُستخرَج منه مسائل, ثمّ العلم إن كان عبارة عن الملَكة فـمِنْ للسببيّة, وإن جُعِل عبارة عن الأصول والقواعد فهي للتعدية. قوله إدراكاتٌ جزئيّةٌ يرد عليه أنّ الجزئيّة والكليّة من صفات المُدرَكات فلا يصحّ توصيف الإدراكات بالجزئيّة, وجوابه أنّ المراد إدراكاتُ مُدرَكاتٍ جزئيّةٍ فالجزئيّة صفة المُدرَكات لكنّ جزئيّة المُدرَك مستلزمة لجزئيّة الإدراك فأقامها مقامها.

[5] قوله: [كلّ فردٍ فردٍ] اعلم العرب تكرِّر الشيء مرّتين فيستوعب جميع جنسه نحو قرأت القرآن سورةً سورةً, ثمّ قيل الثاني من المكرَّرين صفة للأوّل, وقيل تأكيد له, والمختار أنّ مجموعهما في حكم واحد ونظيره في الخبر هذا حلو حامض, ولو جعل الثاني معطوفاً على الأوّل بتقدير العاطف لم يمتنع.

[6] قوله: [بمعنى أنّ أيَّ فرد يوجد منها إلخ] دفعٌ للقِيلَين الآتيين في الشرح والفرق بينهما عُنوانيّ, وحاصل الدفع أنا نختار الشقّ الأوّل ونريد بمعرفة جميع الأحوال معرفتها بالقوّة القريبة من الفعل لا معرفتها بالفعل فلا يلزم المحالُ ولا عدمُ حصول هذا العلم لأحد, وحاصل التعريف أنّ علم المعاني علم يمكن أن يعرف به كلّ فرد وجد ودخل تحت الإرادة من تلك الأحوال.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400