عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

يطابق) اللفظ (مقتضى الحال) احترازٌ[1] عن الأحوال التي ليست بهذه الصفة كالإعلال والإدغام والرفع والنصب وما أشبه ذلك ممّا لا بدّ منه في تأدية أصل المعنى, وكذا المحسّنات البديعيّة[2] من التجنيس والترصيع ونحوهما ممّا يكون بعد رعاية المطابَقة, وهو قرينة[3] خفيّة على أنّ المراد أنه علم يعرف به هذه الأحوال من حيث إنها يطابق بها اللفظ مقتضى الحال, إذ لولا اعتبار هذه الحيثيّة[4] للزم أن يكون علم المعاني عبارة عن معرفة هذه الأحوال بأن يتصوّر معنى التعريف والتنكير والتقديم والتأخير مثلاً وهذا واضح لُزُوماً وفَساداً[5]


 



[1] قوله: [احترازٌ إلخ] خبر لقوله ووصفُ الأحوال أي: توصيف الأحوال بقوله التي يطابق إلخ قيد احترازيّ. قوله ليست بهذه الصفة أي: ليست ممّا يطابق به اللفظ لمقتضى الحال.

[2] قوله: [وكذا المُحسِّنات البديعيّة] أي: وكذا التوصيف المذكور احترازٌ عن المُحسِّنات البديعيّة. قوله التجنيس وهو تشابه اللفظين في التلفّظ كقوله تعالى: ﴿وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَةٖۚ [الروم:٥٥] قوله الترصيع وهو كون ما في إحدى الفقرتين أو أكثره مماثلاً لما يقابله من الأخرى في الوزن والتقفية نحو فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه, ويقرع الأسماع بزواجر وعظه.

[3] قوله: [وهو قرينة إلخ] أي: ووصف الأحوال بالموصول قرينة إلخ أي: مُشعِر بقيد الحيثيّة, ووجه إشعاره به أنه ما من كلام فيه أمر زائد على مجرَّد إثبات شيء لشيء أو نفيه عنه إلاّ وهو الغرض الخاصّ المقصود من الكلام, فيكون المقصود بقوله يعرف به أحوال اللفظ العربيّ التي يطابق بها مقتضى الحال هو معرفة الأحوال بحيث يطابق بها اللفظ مقتضى الحال, وهذا معنى اعتبار الحيثيّة, أمّا كون هذه القرينة خفيّة فلأنه قد يقصد من الكلام الذي فيه تقييدٌ مجرَّدُ إثبات شيء لشيء أو نفيه عنه ويكون التقييد للتوضيح فقط.

[4] قوله: [إذ لولا اعتبار الحيثيّة إلخ] تعليل لاعتبار الحيثيّة المذكورة, واعلم أنّ الحيثيّة ثلاثة أقسام لأنّ الحيثيّة إمّا أن تكون عين المُحيَّث أو لا, الأولى إطلاقيّة مثل الإنسان من حيث هو إنسان ماش على قدميه, والثانية إمّا أن تصلح للعلّيّة للمُحيَّث أو لا, الأولى تعليليّة مثل الإنسان من حيث هو كاتب متحرِّك الأصابع والثانية تقييديّة نحو الإنسان من حيث هو ضاحك متعجِّب, والحيثيّة هنا تقييديّة.

[5] قوله: [وهذا واضح لُزُوماً وفَساداً] أي: وكون علم المعاني عبارة عن تصوّر معنى التعريف والتنكير ونحوهما على تقدير عدم اعتبار الحيثيّة المذكورة واضحٌ لزومه وفساده أمّا لزومه فلأنه لا يفهم من معرفة الشيء إلاّ إدراكه التصوّريّ بأنه ما هو أو التصديقيّ بأنه هل هو, وأمّا فساده فغنيّ عن البيان.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400