عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

فكيف يصحّ[1] قوله الأحوال التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال وليس مقتضى الحال إلاّ تلك الأحوال بعينها, قلت قد تسامحوا[2] في القول بأنّ مقتضى الحال هو التأكيد أو الذكر أو الحذف ونحو ذلك بناءً على أنها[3] هي التي بها يتحقّق مقتضى الحال وإلاّ[4] فمقتضى الحال عند التحقيق كلام مؤكَّد وكلام يُذكَر فيه المسند إليه أو يُحذَف وعلى هذا القِياس, ومعنى مطابَقة الكلام[5] لمقتضى الحال أنّ الكلام الذي يُورِده المتكلّم يكون


 



[1] قوله: [فكيف يصحّ إلخ] أي: فكيف يصحّ جعل هذه الأحوال ما يطابق بها اللفظ مقتضى الحال مع أنّ هذه الأحوال بعينها مقتضى الحال فإنّ الشيء لا تتصوّر مطابقته شيئاً بسبب ذلك الشيء بل لا بدّ من أن يكون سبب المطابقة مغائراً للمُطابِق والمُطابَق, والحاصل أنّ قوله الأحوال التي يطابق بها مقتضى الحال يستلزم اتّحاد سبب المطابقة مع المُطابَق, وهو كما ترى.

[2] قوله: [قلت قد تسامحوا إلخ] حاصل الجواب أنّ القول بأنّ الأحوال المذكورة مقتضى الحال مبنيّ على التسامح إذ مقتضى الحال في الحقيقة إنّما هو الكلام الكليّ المتكيِّف بكيفيّة مخصوصة لا الأحوال المذكورة من التعريف والتنكير والذكر والحذف إلى غير ذلك فلا إيراد على عبارة المصـ.

[3] قوله: [بناءً على أنها إلخ] إشارة إلى وجه التسامح, وحاصله أنّ مقتضى الحال عند التحقيق وإن كان هو الكلام الكليّ المتكيِّف بكيفيّة مخصوصة ككلامٍ مؤكَّد وكلامٍ يذكر فيه المسند إليه وكلامٍ يحذف فيه المسند إلى غير ذلك لكنّ مقتضَى الحال هذا إنّما يتحقّق ويتحصّل حقيقته بهذه الأحوال فإنّ الكلام المؤكَّد مثلاً لا يتحقّق إلاّ بالتأكيد وهكذا فجعلوا نفس الأحوال مقتضى الحال تسامحاً.

[4] قوله: [وإلاّ إلخ] أي: وإن لم نَقُل بالتسامح فهو فاسد حقيقة إذ مقتضى الحال عند التحقيق كلام مؤكَّد إلخ أي: لا الأحوال المذكورة, وذلك لأنّ موضوع علم المعاني اللفظ العربيّ من حيث إفادته المعاني الثواني فلا بدّ أن تكون موضوعات مسائله راجعة إليه والأحوال وحدها ليست بألفاظ مفيدة لذلك. قوله وعلى هذا القِياس أي: وكلام مقيّد, وكلام مطلق, وكلام قُدِّم فيه المسند إلى غير ذلك.

[5] قوله: [ومعنى مطابَقة الكلام إلخ] جواب سؤال مقدَّر وهو أنه إن كان مقتضى الحال كلاماً مؤكَّداً وكلاماً يُذكر فيه المسند إليه أو يُحذَف إلى غير ذلك فما معنى مطابقة الكلام لمقتضى الحال! وحاصل الجواب أنّ معنى مطابَقة الكلام لمقتضى الحال في التحقيق أن يكون الكلام الجزئيّ الذي أورده المتكلِّم من أفراد الكلام الكليّ الذي هو مقتضى الحال ويصدق ذلك الكلام الكليّ على ذلك الكلام الجزئيّ مثلاً كون المخاطب منكراً للحكم حال يقتضي كلاماً مؤكَّداً فقولك إنّ زيداً عالم مثلاً يكون مطابقاً لمقتضى الحال لأنه من أفراد ذلك الكلام الكليّ ويصدق عليه أنه كلام مؤكَّد.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400