جزئيًّا من جزئيّات ذلك الكلام ويصدق هو عليه صدقَ الكليّ على الجزئيّ مثلاً يصدق على إنّ زيداً قائم أنه كلام مؤكَّد, وعلى زيد قائم أنه كلام ذُكِر فيه المسند إليه, وعلى قولنا الهلال والله أنه كلام حذف فيه المسند إليه, فظاهر[1] أنّ تلك الأحوال هي التي بها يتحقّق مطابَقة هذا الكلام لما هو مقتضى الحال في التحقيق فافهم[2] وأحوال الإسناد أيضاً[3] من أحوال اللفظ العربيّ باعتبار أنّ كون الجملة مؤكَّدةً أو غيرَ مؤكَّدة
[1] قوله: [فظاهر إلخ] أي: إذا عرفت مقتضى الحال عند التحقيق ومعنى مطابقة الكلام لمقتضى الحال ظهر لك أنّ الأحوال المذكورة من التأكيد والذكر والحذف إلى غير ذلك هي التي يتحقّق بها مطابقة الكلام لمقتضى الحال إذ لو لم يشتمل قولك إنّ زيداً عالم على التأكيد لما كان من أفراد الكلام المؤكَّد ولم يصدق عليه أنه كلام مؤكَّد, فلأجل هذا جعلوا الأحوال المذكورة مقتضى الحال تسامحاً.
[2] قوله: [فافهم] إشارة إلى سؤال وجواب, حاصل السؤال أنّ المطابَقة بمعنى الصدق تُنسَب إلى الكليّ لا إلى الجزئيّ فيجب أن تقولوا إنّ مقتضى الحال مطابق للكلام لا إنّ الكلام مطابِق لمقتضى الحال, وحاصل الجواب أنّ هذا اصطلاح أهل المعقول, وأمّا أهل المعاني فالمطابقة عندهم هي موافقة الجزئيّ للكليّ في الاشتمال على الخصوصيّة, فنسبة المطابقة إلى الكلام الجزئيّ على اصطلاح علماء المعاني.
[3] قوله: [وأحوال الإسناد أيضاً إلخ] دفع لما يتوهّم من قوله أحوال اللفظ العربيّ من أنه لا يشمل أحوال الإسناد من التأكيد وعدَمه والمجاز العقليّ والحقيقة العقليّة والقصر إذ ليس الإسناد بلفظ مع أنه يبحث عنها في هذا العلم, فإمّا أن يكون تعريف علم المعاني مختلاّ وإمّا أن يكون البحث عنها في هذا العلم اشتغالاً بما لا يعني, وحاصل الدفع أنّ التأكيد أو عدَمه أي: كون الجملة مؤكَّدةً أو غيرَ مؤكَّدةٍ راجع إلى الجملة والجملة من قبيل اللفظ فهو راجع إلى اللفظ, وكذا المجاز العقليّ أو الحقيقة العقليّة أي: كون الجملة إسناده مجاز عقليّ أو حقيقة عقليّة راجع إلى الجملة, فأحوال الإسناد أيضاً داخل في أحوال اللفظ العرَبيّ بهذا الاعتبار أي: باعتبار رجوعها إلى الجملة, فليس التعريف مختلاّ ولا البحث عنها اشتغالاً بما لا يعني.