عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

لوجهَين[1] الأوّل أنّ التتبّع ليس بعلم[2] ولا صادق عليه فلا يصحّ تعريف شيء من العلوم به, والثاني[3] أنه فسّر التراكيب بتراكيب البلغاء حيث قال وأعني بتراكيب الكلام التراكيب الصادرة عمّن له فضل تمييزٍ[4] ومعرفةٍ وهي تراكيب البلغاء, ولا خَفاء في أنّ معرفة البليغ من حيث هو بليغ[5] متوقِّفة على معرفة البلاغة وقد عرَّفها في كتابه بقوله: البلاغة هي بلوغ


 



[1] قوله: [لوجهَين إلخ] تعليلٌ للعدول, وحاصل كلام المصـ في "الإيضاح" في وجه العدول أنّ في تعريفه ألفاظاً ثلاثة: تتبّع وتراكيب وغيره, وليس استعمال شيء منها صحيحاً في التعريف إذ التتبّع ليس بعلم, وأخذ التراكيب يستلزم الدورَ أو الجهالةَ كما فصّله الشارح, وغيره مبهم لم يتبيّن مراده به.

[2] قوله: [ليس بعلم] لأنّ العلم يطلق على ثلاثة معان الملَكة ونفس الأصول والقواعد وإدراك المسائل, والتتبّع ليس شيئاً منها فيلزم حمل أحد المتبائنين على الآخر. قوله ولا صادق عليه لأنّ التتبّع فعل من أفعال النفس والعلم من مقولة الكيف فلا يصحّ تعريف شيء من العلوم به.

[3] قوله: [والثاني إلخ] حاصل هذا الوجه أنّ تعريف السكّاكي مشتمل على الدور أو على الجهالة فلا يفيد معرفة المعرَّف, وبيانه أنه أخذ في تعريف علم المعاني تراكيب الكلام أي: تراكيب البلغاء وظاهر أنّ معرفة البليغ متوقّفة على معرفة بلاغة المتكلِّم وقد أخذ التراكيب في تعريف بلاغة المتكلِّم, فإن أراد بالتراكيب في تعريف بلاغة المتكلِّم تراكيب البلغاء لزم الدور في تعريف بلاغة المتكلِّم لتوقّف معرفة بلاغة المتكلِّم على معرفةِ تراكيب البلغاء المتوقِّفةِ على معرفة بلاغة المتكلِّم, وفي تعريف علم المعاني لتوقّف معرفة تراكيب البلغاء على معرفةِ البلاغة المتوقِّفةِ على معرفة تراكيب البلغاء, وإن أراد بها غيرها فلم يبيّنه فلزم الجهالة في تعريفي بلاغةِ المتكلِّم وعلمِ المعاني.

[4] قوله: [عمّن له فضل تمييزٍ] أي: بين الحسن والأحسن من الكلام, أمّا من له تمييز بين الحسن والقبيح فقط فالحسن والأحسن عنده في مرتبة واحدة فيُورِد كلاًّ منهما في مقام الآخر فلا يُغنِي تتبّعُ كلامه في معرفة تفاوت المقامات شيئاً. قوله ومعرفةٍ أي: وفضل معرفة بأساليب الكلام وكيفيّة تأليفه وفنونه المختلفة وطرقه. قوله وهي أي: وتلك التراكيب.

[5] قوله: [من حيث هو بليغ] أي: لا من حيث هو نحويّ مثلاً فإنّ معرفة البليغ من هذه الحيثيّة غير متوقِّفة على معرفة البلاغة. قوله على معرفة البلاغة أي: معرفة بلاغة المتكلِّم. قوله وقد عرّفها إلخ أي: وقد عرّف السكّاكي بلاغةَ المتكلِّم في كتابه "مفتاح العلوم" بقوله: البلاغة هي بلوغ إلخ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400