عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

كُلِّ سَطْرٍ مِنْهُ عِقْدٌ مِنَ الدُرَرِ, وكان يَعُوقُني[1] عن ذلك أنّي في زمان أرى العلم قد عُطِّلت مشاهده ومعاهده, وسُدَّت مصادره وموارده[2] وخلت دياره ومراسمه, وعفت أطلاله ومعالمه, حتّى أشفتْ[3] شموس الفضل على الأفول, واستوطن الأفاضل زوايا الخمول, يتلهّفون من اندراس أطلال العلوم والفضائل, ويتأسّفون من انعكاس أحوال الأذكياء والأفاضل, وهكذا[4] يذهب الزّمان على العَبر ويفني العلم فيه ويدرس الأثر, لكنّي[5] لمّا


 



[1] قوله: [وكان يعوقني إلخ] عطف على قوله كان يخالج, والعوق المنع. قوله عن ذلك أي: عن أن أشرح. قوله قد عُطِّلت إلخ التعطيل التفريغ, والمشاهد جمع المشهد بمعنى المحضر, والمعاهد جمع المعهد بمعنى الموضع الذي يُعهَد به شيء ويُعرَف, والمراد بهما العلماء والمدارس أو الكتب, ولا يخفى أنّ مثل هذه الشكايات قد جرت عادة العلماء بها لأنّ الجهل في كلّ زمان قد غلب على العلم لكنّ بعض الشكايات تكون مبنيّةً على الحقيقة وبعضها على المبالغة.

[2] قوله: [مصادره إلخ] المصادر جمع المصدر بمعنى المرجع, والموارد جمع المورد بمعنى موضع الورود, والمراد بهما المعلِّمون والمتعلِّمون. قوله ومراسمه مراسم الشيء محالّ آثاره. قوله وعفت أي: اندرست. قوله أطلاله جمع طلل وهو ما ارتفع من آثار الدار.

[3] قوله: [حتّى أشفت إلخ] أي: حتّى قربت, والمراد بشموس الفضل العلماء. قوله على الأفول أي: الغروب. قوله واستوطن أي: اتّخذ الوطن. قوله زوايا الخمول الزوايا جمع زاوية وهي بالأردوية گوشہ, والخمول ضدّ الشهرة, والإضافة من قبيل لجين الماء. قوله يتلهّفون أي: يتحسّرون.

[4] قوله: [وهكذا إلخ] يريد أنّ ما ذكره من انعكاس أحوال الفضل والفضلاء ليس مخصوصاً بهذا الزمان بل هو أمر مستمرّ بل مترقّ. وقوله على العَبر جمع عبرة وهو الدمع, وعلى بمعنى مع كما في قوله تعالى: ﴿وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ﴾ [البقرة:١٧٧] فالمعنى يذهب الزمان مصحوباً مع الدموع أي: باكياً.

[5] قوله: [لكنّي إلخ] لمّا أشعر ما ذكره بأنه لا يُقدِم على الشرح استدركه بقوله لكنّي إلخ. قوله رغبات المحصِّلين الرغبة الإرادة مع الرضاء من رغب في الشيء, وتعديته بـعلى لتضمينه معنى الاستعلاء. قوله هذا الكتاب أي: كتاب "تلخيص المفتاح". قوله وتحصيلِه عطف تفسير, وفيه أنّ هذا مناف لما ذكر سابقاً من تعطيل المشاهد والمعاهد, والجواب أنه مبالغة في عدم توجّه الناس إلى هذا الفنّ لا التعطيل في الحقيقة. قوله وامتدادَ عطف على قوله توفّرَ, وهذا كناية عن كمال ميلهم. قوله بجُمَله جمع جملة بمعنى الإجمال, والإجمال والتفصيل بمعنى المُجمَل والمفصَّل.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400