عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

فطفقتُ أقتحم[1] موارد السَّهر غائصاً في لُجَج الأفكار, وألتقط فرائد الفكر من مَطارح الأنظار, وبذلتُ الجُهدَ[2] في مراجَعةِ الفُضَلاء المشار إليهم بالبَنان, ومُمارَسةِ الكتب المصنّفة في فنّ البيان, لا سيّما "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة", فلقد تناهيتُ[3] في تصفّحهما غاية الوسع والطاقة, ثُمّ جمعتُ[4] لشرح هذا الكتاب ما يُذلِّلُ صِعابَ عَويصاته الآبِيَة, ويُسهِّل طريق الوصول إلى ذخائر كنوزه[5] المخفيّة, وأودعتُه فرائد نفيسة وُشِّحت بها كتب القُدَماء,


 



[1] قوله: [فطفقت أقتحم إلخ] أي: فشرعت أدخل إلخ, وموارد السهر مواضع ينبغي أن يسهر الطالب فيها فيفوز بالمقصود. قوله غائصاً في لُجَج الأفكار تشبيه الأفكار بالبحار استعارة بالكناية وإثبات اللجج لها استعارة تخييليّة وذكر الغوص استعارة ترشيحيّة. قوله فرائد الفكر أي: نتائجه الشبيهة بالدرر الكبيرة. قوله مطارح جمع المطرح وهو المَرْمَى.

[2] قوله: [وبذلتُ الجُهدَ إلخ] أي: وصرفت الاجتهاد إلخ. قوله المشار إلخ صفة للفضلاء كناية عن كمالهم في الفنّ وشهرتهم, والبنان أطراف الأصابع واحدها بنانة, وفي البنان والبيان تجنيس خطّي. قوله "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" كتابان للشيخ عبد القاهر الجُرجانيّ.

[3] قوله: [تناهيت إلخ] التناهي البلوغ إلى النهاية فقوله بعد غاية الوسع مبنيّ على تجريد التناهي عن معنى النهاية فهو بمعنى البلوغ فقط. والتصفّح النظر في الصفحات. قوله والطاقة عطف تفسير.

[4] قوله: [ثمّ جمعت] عطف على قوله اختلست, وثمّ لاستبعاد جمع ما جمعه لأنّ مثل هذا الشرح يحتاج إلى فراغ البال. قوله ما يذلِّل أي: ما يُليِّن. قوله صِعاب عويصاته فيه أنّ الصعاب جمع الصعب وهو المشكل والعويصات جمع العويص وهو المشكل أيضاً فالإضافة فيه من إضافة الشيء إلى نفسه وقد منعها البصريون وإن جوّزه الكوفيّون, والجواب أنّ المراد بالعويصات ما ينتهي في الإشكال إلى الغاية كما يدلّ عليه توصيفها بـالآبية أي: الممتنعة عن الحلّ, فالإضافة بيانيّة.

[5] قوله: [ذخائر كنوزه] المراد بذخائر كنوز الكتاب معانيه, وتوصيف الكنوز بقوله المخفيّة للمبالغة في الخَفاء إذ الكنز إنّما يكون مخفيًّا. قوله وأودعته أي: أودعت في الشرح. قوله وُشِّحت بها أي: زُيِّنت بتلك الفرائد. قوله سَمَحَت بها أي: جادت بتلك الفوائد.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400