عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الواجبات, وما فرضتُ على نفسي سنّتَهم في تطويل الواضحات, وحين فرغتُ[1] عن تسويد الصحائف بتلك اللطائف: رَمَانِي الدَّهْرُ بِالْأَرْزَاءِ[2] حَتَّى * فُؤَادِيْ فِيْ غِشَاءٍ مِنْ نِبَالِ * فَصِرْتُ إِذَا أَصَابَتْنِيْ سِهَامٌ * تَكَسَّرَتِ النِّصَالُ عَلَى النِّصَالِ, وذلك[3] من توارد الأخبار بتفاقم المصائب في العشائر والإخوان عند تلاطم أمواج الفتن في ديار "خراسان" لا سيّما: دِيَارٌ بِهَا حَلَّ الشَّبَابُ تَمِيْمَتِيْ[4] * وَأَوَّلُ أَرْضٍ مَسَّ جِلْدِيْ تُرَابُهَا, فلقد[5] جرّد الدّهر على أهاليها سيف العدوان, وأباد مَن كان فيها من السكّان, فلم يدع[6] من أوطانها إلاّ دِمنة


 



[1] قوله: [وحين فرغتُ إلخ] حين ظرف مضاف إلى ما بعده, وعامله قوله رماني الدهر إلخ, وتسويد الصحائف كناية عن كتابتها, وهذا شروع في سبب وقوع الفصل الكثير بين تسويد هذا الشرح وتبييضه أي: بين كتابته وتصحيحه وترتيبه.

[2] قوله: [رَمَانِي الدَّهْرُ بِالْأَرْزَاءِ إلخ] نسبة الحوادث إلى الدهر من المواريث القديمة للشعراء ولم ينكره أحد من المتشرِّعة إذ حقيقته غير مرادة, والأرزاء جمع رُزْء وهو المصيبة, والغِشاء الغطاء, والنبال جمع نبل وهي السهام, والنصال جمع نصل وهي حديدة السهم والسيف والسكّين والرمح, يقول رماني دهري بسهام المصائب حتّى غطت قلبي بحيث صرت لو رميت بالسهام لم تصل إليّ بل ينكسر نصالها على النصال الثابتة في قلبي قبل وصولها إليّ.

[3] قوله: [وذلك] أي: والرمي المذكور, والتوارد التعاقب, وتفاقم المصائب عظمتها, العشائر جمع عشيرة وهي القبيلة, والإخوان جمع الأخ, واللام فيهما عوض عن المضاف إليه أي: عشائري وإخواني, وتلاطم أمواج الفتن ضرب بعضها بعضاً, وتشبيه الفتن بالبحر استعارة بالكناية وإثبات الأمواج لها استعارة تخييليّة وذكر التلاطم استعارة ترشيحيّة.

[4]  قوله: [تَمِيْمَتِيْ] التميمة التعويذ الذي يجعل في عنق الصبيّ لئلاّ يخاف, وحلّ الشباب إيّاها في تلك الديار كناية عن إقامته إلى وقت الشباب فيها, ومسّ التراب جلده كناية عن تولّده هناك.

[5] قوله: [فَلَقَدْ إلخ] في موقع التعليل لما سبق, واللام لتوطئة القسم, والأهالي جمع أهلة بمعنى الأهل, والإضافة في سيف العدوان بيانيّة, والإبادة الإهلاك.

[6] قوله: [فلم يدع إلخ] أي: فلم يترك من عمرانها إلاّ دِمنة وهي آثار الدار. أمّ أوفى اسم الحبيبة, وهذه الفقرة تلميح إلى مطلع قصيدة زهير بن أبي سلمى: أَ مِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّمْ * بِحَوْمَانَةِ الدَرَاجِ فَالْمُتَثَلَّمِ. بلدح اسم موضع غير منصرف للعلميّة والتأنيث بتأويل البقعة. عَجْفَى أي: ضعفاء, جمع عجيف كمرضى ومريض, صفةُ قوم, ومن أمثالهم في التحزّن على الأقارب: لَكِنْ بِبَلْدَحَ قَوْمٌ عَجْفَى.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400