بعدُ والأوّل باطل لأنّ العلم بكون المُخبِر عالماً بالحكم لا بدّ فيه من أن يكون هذا الحكم حاصلاً في ذهنه ضرورة وإن لم يجب[1] أن يكون حصوله من ذلك الخبر, وكذا الثاني[2] لأنّ علّة حصوله سَماع الخبر من المُخبِر إذ التقدير أنّ حصولهما إنّما هو من نفس الخبر, فنبّه على الأوّل[3] بقوله: لامتناع حصول الثاني قبل حصول الأوّل وعلى الثاني بقوله: مع أنّ سَماع الخبر من المُخبِر كافٍ في حصول الثاني منه , ولا يمتنع أن لا يحصل[4] العلم الأوّل من الخبر نفسه عند حصول الثاني لجواز أن يكون الأوّل حاصلاً قبل حصول
[1] قوله: [وإن لم يجب إلخ] أي: يجب في العلم الثاني أن يكون العلم الأوّل حاصلاً في ذهنه وإن لم يجب أن يكون حصول العلم الأوّل من ذلك الخبر بل كان حاصلاً بغيره كالخبر الآخر أو المشاهدة.
[2] قوله: [وكذا الثاني] أي: وكذا عدم حصول العلم الثاني بعد حصول العلم الأوّل باطل أيضاً. قوله لأنّ علّة إلخ تعليل لبطلان الشقّ الثاني أي: علّة حصول العلم الثاني سَماعُ الخبر فإن لم يحصل بعد السَماع لزم تخلّف المعلول عن العلّة وهو باطل. قوله إذ التقدير إلخ علّةٌ لكون سَماع الخبر علّةً لحصول العلم الثاني أي: لأنا قد فرضنا أنّ حصول كلٍّ منهما إنّما هو من نفس الخبر من غير اعتبار أمر آخر حيث قلنا من الخبر نفسه في كلٍّ منهما, فتكون علّةُ حصول كلٍّ منها هي سَماع الخبر.
[3] قوله: [فنبَّه على الأوّل إلخ] أي: فنبّه المصـ في "الإيضاح" على بطلان الشقّ الأوّل بقوله لامتناع إلخ. قوله وعلى الثاني إلخ أي: ونبّه على بطلان الشقّ الثاني بقوله مع أنّ سَماع إلخ, وفي لفظ التنبيه إشارة إلى أنّ بطلان كلا الشقّين بديهيّ وإنّما قصد المصـ بهذين القولين مجرّدَ إزالة الخَفاء.
[4] قوله: [ولا يمتنع أن لا يحصل إلخ] عطفٌ على قوله يمتنع أن لا يحصل إلخ داخلٌ تحت التفسير, وحاصله أنه يجوز انفكاك العلم الأوّل عن العلم الثاني باعتبار الحدوث كما يدلّ عليه قوله لجواز حصوله قبله يعني أنّ العلم الثاني لا يستلزم حدوث العلم الأوّل, واللزوم بينهما فيما سبق إنّما هو باعتبار الوجود أي: العلم الثاني يستلزم وجود العلم الأوّل فتأمّل.