ثمّ أشار[1] إلى زيادة التعميم وأنّ وجود الشيء سواء كان هو العلم أو غيره يُنزَّل منزلة عدمه فقال: ونظيره في النفي والإثبات أي: في نفي شيء وإثباته ﴿وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ﴾ [الأنفال:١٧][2] وإذا كان قصد المُخبِر[3] ما ذُكِر (فينبغي أن يقتصر من التركيب على قدر الحاجة) حذراً عن اللغو[4] وأشار إلى تفصيله بقوله: (فإن كان) المخاطَب (خاليَ الذهن من الحكم والتردّد فيه)
[1] قوله: [ثمّ أشار إلخ] أي: ثمّ أشار صاحب "المفتاح" إلى زيادة التعميم إلخ. قوله وأنّ وجود الشيء إلخ عطف تفسير لزيادة التعميم, والحاصل أنّه أشار أوّلاً إلى أنه قد يُنزَّل مطلق العلم أي: أعمّ من كونه متعلِّقاً بفائدة الخبر أو غيرها منزلة عدمه, ثمّ أشار إلى أنّه قد يُنزَّل وجود الشيء مطلقاً أي: علماً كان أو غيره منزلة عدمه ففيه زيادة تعميم, فالتنزيل ثلاثة أنحاء الأوّل: تنزيل العالم بفائدتي الخبر منزلة الجاهل بهما, والثاني: تنزيل العالم بالشيء منزلة الجاهل به سواء كان ذلك الشيء فائدتي الخبر أو غيرَهما, والثالث: تنزيل وجود الشيء منزلة عدمه سواء كان ذلك الشيء علماً أو غيرَه, والأوّل أخصّ من الثاني والثاني أخصّ من الثالث كما لا يخفى.
[2] قوله: [﴿وَمَا رَمَيۡتَ إِذۡ رَمَيۡتَ﴾] أي: وما رميتَ حقيقةً لكون الأثر المترتِّب على ذلك الرمي خارجاً عن طوق البشر إذ رميتَ صورةً لمباشرة أسباب الرمي, فالحقيقة والصورة جهتان لنفي الرمي وإثباته والمنفيّ والمُثبَت أمر واحد فلا يرد أنّه حينئذ لا يكون المَنفيّ والمُثبَت واحداً مع أنّ الكلام فيه.
[3] قوله: [وإذا كان قصد المُخبِر] إشارة إلى أنّ الفاء في قوله فينبغي إلخ فصيحة جزائيّة والشرط محذوف دلّ عليه الكلام السابق وقد صرّح به في "الإيضاح". قوله ما ذُكِر أي: إفادة المخاطب إمّا الحكمَ وهو فائدة الخبر أو كونَ المُخبِر عالماً بالحكم وهو لازم فائدة الخبر.
[4] قوله: [حذراً عن اللغو] لأنه إن زاد الكلام على قدر الحاجة لزم اللغو في الكلام وإن نقص عنه لزم لغويّة الكلام فإنّ الناقص لغو لعدم إفادته المقصود. قوله إلى تفصيله أي: تفصيل الاقتصار المذكور.