عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

على أنه لا معنى[1] لجعلِ الإنكار كلا إنكار ثمّ تأكيدِ الكلام إذ لا يُعرَف اعتبار الإنكار وعدمه إلاّ بالتأكيد وتركه (وكثيراً مّا) نصب[2] على الظرف أو المصدر أي: حيناً كثيراً أو إخراجاً كثيراً (يخرج الكلام على خلافه) أي: على خلاف مقتضَى الظاهر, يعني أنّ وقوعه في الكلام كثير في نفسه[3] لا بالإضافة إلى مقابله حتّى يكون الإخراج على مقتضَى الظاهر قليلاً (فيجعل غير السائل كالسائل إذا قدّم إليه) أي: إلى غير السائل (ما يلوّح له) أي: لغير السائل (بالخبر) أي: يشير إليه (فيستشرف) أي: غير السائل (له) أي: للخبر يعني ينظر إليه[4] يقال: استشرف الشيء إذا رفع رأسه ينظر إليه وبسط كفّه فوق الحاجب كالمستظِلّ من الشمس (استشراف المتردّد الطالب نحو: ﴿وَلَا تُخَٰطِبۡنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ﴾ [هود:٣٧])


 



[1] قوله: [على أنه لا معنى إلخ] جواب آخر عن المعارضة, وحاصله أنه لا يرد النقض بالمادّة المذكورة في النقض لأنها محض فرض ولا نقض بالفرضيّات؛ وذلك لأنّ اعتبار المتكلِّم للإنكار وعدمه اعتباره له إنّما يُعرَف بإيراده التأكيد في كلامه وعدمه, فإذا أورَد التأكيد عُلِم أنه اعتبر الإنكار وإذا ترك التأكيد عُلِم أنه لم يعتبره, فلا معنى لجعلِ المنكِر كغير المنكر ثمّ إيرادِ التأكيد في الكلام.

[2] قوله: [نصب] أي: قوله كيثراً منصوب على الظرفيّة أو المصدريّة, وكلمة ما زائدة لتأكيد معنى الكثرة. قوله أي: حيناً كثيراً إلخ إشارة إلى أنّ كون كثيراً نصباً على الظرفيّة أو على المصدريّة باعتبار الموصوف المحذوف, فهو ظرف مجازاً لقيامه مقامه أو مفعول مطلق مجازاً لقيامه مقامه.

[3] قوله: [يعني أنّ وقوعه في الكلام كثير في نفسه إلخ] دفعٌ لتوهّم أنه إذا كان إخراج الكلام على خلاف مقتضَى الظاهر كثيراً كان إخراجه على مقتضَى الظاهر قليلاً وليس كذلك بل الأمر بالعكس, وحاصل الدفع أنّ المراد أنّ إخراج الكلام على خلاف مقتضَى الظاهر كثير في نفسه لا أنه كثير بالنسبة إلى إخراجه على مقتضَى الظاهر كما في قوله تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِۦ كَثِيرٗا وَيَهۡدِي بِهِۦ كَثِيرٗاۚ [البقرة:٢٦] فإنّ كثرة كلّ واحد من القبيلتين بالنظر إلى أنفسهم لا بالقياس إلى مقابليهم.

[4] قوله: [يعني ينظر إليه إلخ] تعيين المعنى المراد بالاستشراف, والعناية إشارة إلى أنّ كون الاستشراف للخبر بمعنى النظر إليه مبنيّ على التجريد وإلاّ فمعنى الاستشراف مجموع أمور ثلاثة: رفعُ الرأس والنظرُ وبسطُ الكفّ فوق الحاجب. قوله يقال إلخ شاهد على ما أشار إليه في العناية.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400