عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

أي: شيء من الدلائل والشواهد[1] إن تأمّل المُنكِر ذلك الشيءَ (ارتدع) عن إنكاره, ومعنى كونه مع المُنكِر[2] أن يكون معلوماً له أو محسوساً عنده كما تقول لمُنكِر الإسلام: الإسلام حقّ من غير تأكيد[3] لما معه من الدلائل الدالّة على نبوّة محمّد عليه السلام[4] لكنّه لا يتأمّلها ليرتدع عن الإنكار, وقد يذكر في حلّ لفظ الكتاب ههنا وجوه متعسّفة[5] لا فائدة في إيرادها, وقولُه (نحو: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ [البقرة:٢]) ظاهرٌ في التمثيل لما نحن بصدده[6]


 



[1] قوله: [أي: شيء من الدلائل والشواهد إلخ] إشارة إلى أنّ ما هنا نكرة موصوفة عبارة عن دليلٍ من الدلائل العقليّة وشاهدٍ من الدلائل الحسيّة, وفيه ردّ على من جعلها عبارة عن العقل, ووجه الردّ أنه لو كان الأمر كذلك فحقّ العبارة أن يقال: ما إن تأمّل به لأنّ العقل لا يُتأمَّل بل يُتأمَّل به.

[2] قوله: [ومعنى كونه مع المُنكِر إلخ] فيه ردّ على من قال إنّ معنى كون الدلائل معه أن تكون الدلائل في نفس الأمر وإن لم يعلمها المُنكِر, ووجه الردّ أنّ الدلائل ما لم تكن معلومة للمُنكِر أو محسوسة عنده لم يتصوّر تأمّلها المترتِّب عليه الارتداع عن الإنكار. قوله كما تقول إلخ إنّما جاء الشارح بالمثال لجعل المنكر كغير المنكر من عند نفسه لمجال الكلام فيما مثّل به المصـ كما سيجيء.

[3] قوله: [من غير تأكيد] إن قيل إنّ اسميّة الجملة من المؤكِّدات وقد عدّها الشارح نفسه منها فيما مرّ فكيف يصحّ هنا قوله من غير تأكيد مع أنّ قوله الإسلام حقّ جملة اسميّة, قيل إنّ اسميّة الجملة من المؤكِّدات بمعنى أنها تصلح أن يقصد بها التأكيد إذا اقتضى المقام إيّاه لا أنها من المؤكِّدات مطلقاً.

[4] قوله: [من الدلائل الدالّة إلخ] كالآياتِ البيّنات من الفرقان ومعجزاتِه الظاهرة الباهرة صلّى الله تعالى عليه وعلى آله الأطهار وصحبه الأبرار وبارك وسلّم صلاةً وبركةً وسلاماً دائمةً بدوام ملك الله.

[5] قوله: [وجوه متعسِّفة إلخ] أي: ضعيفة مسلوكة على غير الطريق المستقيم, منها: أنّ الضمير في معه للخبر, وفيه أنّ مجرّد كون الدليل مع الخبر لا يكفي في التأمّل والارتداع ما لم يكن معلوماً له, ومنها: أنّ ما عبارة عن العقل, وقد مرّ فيه الكلام, ومنها: أنّ ما عبارة عن العقل وضميرُ تأمّله المرفوعُ  له والمنصوبُ للخبر, وفيه أنّ المتأمِّل العاقل لا العقل وأيضاً محلّ التأمّل الدليل لا الخبر.

[6] قوله: [ظاهرٌ] خبر لقوله قولُه. قوله لما نحن بصدده أي: لجعلِِ المنكر كغير المنكر والمجيءِ بالكلام من غير تأكيد ولإخراج الكلام على خلاف مقتضَى الظاهر, وإنّما قال ظاهرٌ لأنّ المتبادر من إيرادِه بعد ذكر القاعدة وتصديرِه بـنحو أنه مثال لها وإن احتمل أن يكون نظيراً لها.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400