عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

فإن قلت[1]: قد ذكر صاحب "المفتاح" أنّ إخراج الكلام لا على مقتضَى الظاهر يسمّى في علم البيان بالكناية وهي ذكر لازم الشيء لينتقل عنه إلى ملزومه فما وجهه؟ قلتُ: لعلّ وجهه أنّ إيراد الكلام في مقام لا يناسبه بحسَب الظاهر[2] كناية عن أنك نزّلتَ هذا المقامَ والحالَ المتحقِّقَ منزلة المقامِ والحالِ الذي يطابقه ظاهر الكلام واعتبرتَ فيه الاعتباراتِ اللائقةَ بذلك المقام لأنّ هذا المعنى ممّا يلزمه إيراد الكلام على الوجه المذكور وينتقل عنه إليه مثلاً قولك لمنكر الإسلام: الإسلام حقّ مجرّداً عن التأكيد كناية عن أنك جعلتَ إنكاره كلا إنكار ونزّلتَه منزلة خالي الذهن تعويلاً على ما يزيل الإنكار لأنّ سوق الكلام مع المنكر مَسَاقَه مع خالي الذهن ممّا ينتقل عنه إلى هذا المعنى, ونظير ذلك[3]


 



[1] قوله: [فإن قلت إلخ] استفسار عن حال ما ذكره السكّاكي من إطلاق الكناية على إخراج الكلام على خلاف مقتضَى الظاهر. قوله قلتُ إلخ جواب بالصحّة, وحاصله أنّ تنزيل المقام المحقَّق منزلة المقام المقدَّر كتنزيل مقام الإنكار منزلة مقام خلوّ الذهن مثلاً يلزمه إيراد الكلام الغير المؤكَّد وقد دُلّ بهذا اللازم على ملزومه وهو التنزيل المذكور فصحّ إطلاق الكناية على الإخراج المذكور.

[2] قوله: [إيراد الكلام في مقام لا يناسبه بحسَب الظاهر] كقولك الإسلام حقّ من غير تأكيد في مقام إنكار المخاطَب حقّيةَ الإسلام. قوله هذا المقام أي: مقامَ الإنكار مثلاً. قوله والحالَ عطف مرادف. قوله منزلة المقامِ إلخ وهو مقام خلوّ الذهن مثلاً فإنّ ظاهر قولك المذكور يطابق مقام خلوّ الذهن. قوله واعتبرتَ فيه أي: في كلامك المُورَد. قوله بذلك المقام أي: بالمقام الذي نزّلتَ المقام المحقَّق منزلته كمقام خلوّ الذهن, والاعتبارُ اللائق به هو ترك التأكيد وقد اعتبرته في كلامك. قوله لأنّ هذا المعنى أي: تنزيل المقام المحقَّق منزلة المقام المقدَّر. قوله على الوجه المذكور كإيرادك كلامَك غيرَ مؤكَّد. قوله وينتقل عنه إليه أي: وينتقل عن إيراد الكلام على الوجه المذكور إلى التنزيل المذكور من قبيل الانتقال من اللازم إلى الملزوم فيكون كناية فصحّ ما ذكره السكّاكي.

[3] قوله: [ونظير ذلك إلخ] أي: ونظير ما ذكره السكّاكي من أنّ إخراج الكلام على خلاف مقتضَى الظاهر كناية إلخ, وإنّما قال نظير ذلك لأنّ في البيت إيراد الجملة على وجه الاستيناف كناية عن تنزيل السؤال المقدَّر منزلة السؤال المحقَّق وأنّ الجملة السابقة لغرابتها تحوِّج إلى السؤال وتُلوِّح له.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400