من قبيل الإثبات سوى قوله[1]: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ أشار إلى التعميم دفعاً لتوهّم التخصيص فقال: (وهكذا اعتبارات النفي) من التجريدِ[2] عن المؤكِّدات في الابتدائيّ وتقويتِه بمؤكِّد استحساناً في الطلبيّ ووجوبِ التأكيد بحسَب الإنكار في الإنكاريّ والأمثلة ظاهرة[3] وكذا يُخرَج الكلام فيها على خلاف مقتضَى الظاهر كما ذكر فيما تقدّم, وههنا بحث[4] لا بدّ من التنبيه عليه وهو أنه لا ينحصر فائدة إنّ في تأكيد الحكم نفياً لشكٍّ أو ردًّا لإنكارٍ, ولا يجب في كلّ كلام مؤكَّد أن يكون الغرض منه ردَّ إنكار محقَّق أو مقدَّر, وكذا المجرّد عن التأكيد, قال الشيخ[5] عبد القاهر قد تدخل كلمة إنّ للدلالة[6] على أنّ الظنّ كان
[1] قوله: [سوى قوله إلخ] إن قيل إنّ قوله تعالى: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ إن جعل مثالاً فلا وجه لتوهّم اختصاص الاعتبارات بالإثبات وإن كان نظيراً فلا حاجة لاستثنائه من الأمثلة, قيل إنّه ظاهر في التمثيل ويحتمل التنظير فالاستثناء بالنظر إلى الظاهر والتوهّم بالنظر إلى الاحتمال فلا إشكال فافهم.
[2] قوله: [من التجريدِ إلخ] بيانٌ للاعتبارات. قوله وتقويتِه إلخ وووجوبِ إلخ عطف على التجريدِ.
[3] قوله: [والأمثلة ظاهرة] كقولك في الابتدائيّ: ما زيد شاعراً بدون التأكيد, وفي الطلبيّ: ليس زيد بشاعر بالتأكيد استحساناً, وفي الإنكاريّ: والله ما زيد بشاعر بالتأكيد وجوباً, وهذا إخراج الكلام على مقتضَى الظاهر, وقد يُخرَج على خلاف مقتضَى الظاهر كقولك لمن يعتقد أنّ زيداً شاعر: ليس زيد شاعراً بدون التأكيد تنزيلاً له منزلة غير المُنكِر للحكم المذكور في قولك.
[4] قوله: [وههنا بحث إلخ] تحقيقٌ للمقام ببيان فوائد إنّ والتأكيدِ سوى ما ذُكِر في المتن, ودفعٌ لتوهّمِ أنّ فائدة إنّ تنحصر في تأكيد الحكم لنفيِ الشكّ أو ردِّ الإنكار, وتوهّمِ أنّ فائدة التأكيد إنّما هي ردّ إنكار محقَّق أو مقدَّر لا غير, وتوهّمِ أنّ الكلام المجرَّد عن التأكيد إنّما يكون لخلوّ ذهن المخاطَب, فقوله وهو أنه لا ينحصر إلخ للأوّل, وقوله ولا يجب إلخ دفع للثاني, وقوله وكذا المجرَّد إلخ دفع للثالث أي: وكذا الكلام المجرَّد عن التأكيد لا يجب له أن يكون لخلوّ ذهن المخاطَب.
[5] قوله: [قال الشيخ إلخ] تأييدٌ لقوله لا ينحصر فائدة إلخ, وبيانٌ للمواضع التي جاءت فيها إنّ لغير فائدة تأكيد الحكم لنفيِ الشكّ أو ردِّ الإنكار, وبيانٌ للمعاني التي استعمل فيها إنّ.
[6] قوله: [للدلالة إلخ] فهي لاستبعاد المتكلِّم وقوعَ أمر يُقرِّره بإدخال إنّ, وليس المنظور فيها حال المُخاطَب أصلاً, ثمّ إنه يتولَّد من الاستبعاد التحزّن والتحسّر والتوبيخ وغير ذلك ممّا يناسب المقام. قوله كان من المتكلِّم إلخ كان الأولى ناقصة خبرها أنه لا يكون, وكان الثانية ولا يكون تامّتان.