مثل: الكتاب الحكيم و الأسلوب الحكيم فإنّ المبنيّ للفاعل قد أسند إلى المفعول لكن لا إلى المفعول الذي يلابسه ذلك المسندُ بل فعل آخر من أفعاله[1] مثل أنشأت الكتاب , وكلامه ظاهر في أنّ المفعول الذي يكون الإسناد إليه مجازاً يجب أن يكون ممّا يلابسه ذلك المسند, وكذا ما أسند[2] إلى المصدر الذي يلابسه فعل آخر من أفعال فاعله نحو: الضلال البعيد و العذاب الأليم فإنّ البعيد[3] إنّما هو الضالّ والأليم هو المعذَّب فوُصِف به فعله مثل جَدَّ جِدُّه [4] كذا في "الكشاف", وظاهرٌ[5] أنّ هذا المصدر
[1] قوله: [بل فعل آخر إلخ] أي: بل أسند إلى المفعول الذي يتعلّق به فعلٌ آخرُ من أفعال الحكيم كالإنشاء فإنه من أفعاله وهو يتعلّق بالكتاب لا الحكيم لما مرّ. قوله وكلامه ظاهر إلخ مقدِّمةٌ ثانية لبيان الإخراج معطوفٌ على قوله فإنّ المبنيّ للفاعل إلخ, وقد ذُكِر حاصله في الحاشية السابقة.
[2] قوله: [وكذا ما أسند إلخ] أي: وكذا خرج من تعريفه إسنادُ ما أسند إلى المصدر إلخ كإسناد البعيد والأليم إلى الضلال والعذاب في المثالَين الآتيَين. قوله الذي يلابسه فعل آخر أي: الذي يتعلّق بذلك المصدر فعل آخر سوى ما أسند إليه كـاخْتارَ الضَلالَ ويُعَذَّبُ العَذابَ في المثالين. قوله من أفعاله أي: من أفعال فاعل ما أسند إلى المصدر, فإنّ الاختيارَ وكونَه مُعذَّباً من أفعال فاعل البعيد والأليم.
[3] قوله: [فإنّ البعيد إلخ] بيانٌ لكون الإسناد في التركيبين إلى غير ما هو له فيكون مجازاً. قوله فوُصِف به فعله أي: فوُصِف بالبعيد والأليم فعل الضالّ والمعذَّب وهو الضلال والعذاب, ولا يخفى أنّ إضافةَ العذاب إلى المُعذَّب وجعلَه فِعلَه لأدنى ملابَسة وهي وقوعه عليه.
[4] قوله: [مثل جَدَّ جِدُّه] أي: كما أنّ الفاعل الحقيقيّ لـجَدَّ هو الشخص ومع ذلك قد وصف به فعله وهو الجِدّ فكان مجازاً عقليًّا كذلك الفاعل الحقيقيّ لـالبعيد والأليم هو الضالّ والمُعذَّب ومع ذلك قد وصف بهما فعلهما وهو الضلال والعذاب فكان مجازاً عقليًّا.
[5] قوله: [وظاهر إلخ] بيان لعدم صدق تعريف المصـ للمجاز العقليّ على مثل هذا الإسناد, وحاصله أنّ المصدر الذي أسند إليه البعيد مثلاً ليس ممّا يلابسه البعيد بل ممّا يلابسه فعل آخر من أفعال فاعل البعيد كالاختيار, والمقدِّمة الثانية لبيان الإخراج ما مرّ من الشارح بقوله وكلامه ظاهر إلخ.