مرّ وقد يكون كنايةً[1] كما ذكروا في قولهم: سَلِّ الْهُمُوْمَ أنه من المجاز العقليّ حيث جعل الهموم محزونة بقرينة إضافة التسلية إليها فافْهَمْ وقِسْ ولا تَقصُر المجازَ العقليَّ[2] على ما يفهم من ظاهر كلام السكّاكيّ والمصنّف (وقولنا) في التعريف ( بتأوّل يُخرِج نحوَ ما مرّ من قول الجاهل) أنبت الربيعُ البقلَ رائياً الإنبات من الربيع فهذا الإسناد وإن كان إلى غير ما هو له لكن لا تأوّل فيه[3] لأنه مراده ومعتقَده, وكذا شَفَى الطبيبُ المريضَ ونحو ذلك ممّا يطابق الاعتقاد دون الواقع, ويُخرِج أيضاً[4] الأقوالَ الكاذبةَ فإنه لا تأوّل فيها, فإن قلتَ[5]: أيّ سرّ في بيان فائدة هذا القيد وليس هذا من عادته في
[1] قوله: [وقد يكون كنايةً] أي: وقد يكون المجاز العقليّ كناية عن مجازٍ عقليٍّ آخرَ ملزومٍ للأوّل مقصودٍ من الكلام كما في سَلِّ الْهُمُوْمَ فإنّ نسبةَ التسلية فيه إلى الهموم نسبةٌ إيقاعيّةٌ مجازيّةٌ إذ الأصل نسبتُها إلى صاحب الهموم بأن يقال سَلِّ نفسَك في حال الهموم, ثمّ هي كناية عن نسبةٍ ملزومةٍ لها مقصودةٍ من هذا القول وهي نسبةُ الحزن إلى الهموم فإنّ هذا القول تعزية المخاطَب بإصابة الحزن البليغ له حتّى صارت همومه محزونة. قوله بقرينة إضافة إلخ فإنها تدلّ على أنّ المتكلِّم جعل الهموم محزونة.
[2] قوله: [فافْهَمْ وقِسْ] أي: افْهَم ْ ما أعلمناك وقِسْ عليه أمثالَه. قوله ولا تَقصُر إلخ أي: ولا تجعل المجاز العلقيّ مقصوراً على ما يُفهَم من ظاهر كلام السكّاكيّ والمصـ من أنه يختصّ بالإسناد, أمّا انفهامه من كلام المصـ فلأنه عرّفه بالإسناد, وأمّا انفهامه من كلام السكّاكيّ فلأنه عرّفه بالكلام والظاهر أنّ المراد بالكلام الكلام المصطلح وهو الكلام الإسناديّ.
[3] قوله: [لكن لا تأوّل فيه] لأنه لم ينصب فيه قرينةً صارفةً عن أن يكون الإسناد إلى ما هو له فيكون حقيقة عقليّة في الاصطلاح. قوله وكذا إلخ أي: وكذا قول الجاهل: شَفَى الطبيبُ المريضَ.
[4] قوله: [ويُخرِج أيضاً الأقوالَ الكاذبةَ إلخ] كقولك جاء زيد وأنت تعلم أنه لم يجئ, فالإسناد فيه وإن كان إلى غير ما هو عند المتكلِّم في الحقيقة لكنه إلى ما هو له عنده في الظاهر لأنه لم ينصب قرينة صارفة عن أن يكون الإسناد إلى ما هو له فيكون حقيقة عقليّة.
[5] قوله: [فإن قلتَ إلخ] تقرير سؤالين ينشآن من صنيع المصـ, وحاصله ظاهر. قوله في هذا الكتاب أي: بخلاف "الإيضاح" فإنّ عادته فيه بيان فوائد القيود.