عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

ما عند العقل خلاف ما في نفس الأمر لأنّ معنى ما عند العقل ما يقتضيه العقل ويرتضيه لا ما يحضر عنده ويرتسم فيه, ونحو: كسا الخليفة الكعبة خلاف ما في نفس الأمر, فأشار ههنا[1] إلى أنّ التأوّل لا يختصّ بإخراج الأقوال الكاذبة كما يتوهّم من "المفتاح" بل يُخرِج نحوَ قول الجاهل أيضاً فلا يبطل[2] طرد تعريفنا بنحو قول الجاهل, ولقائل أن يقول[3]: إنّ مفهوم قولنا ما عند العقل ما حصل عنده وثبت, وهذا أعمّ ممّا في نفس الأمر لإمكان تصوّر الكواذب فلا يجوز التعبير به عنه[4] وحينئذٍ يندفع الاعتراض الأوّل أيضاً[5] إذ لا


 



[1] قوله: [فأشار ههنا إلخ] أي: فأشار المصـ في "تلخيص المفتاح" بقوله وقولنا بتأوّل إلخ إلى أنّ التأوّل لا يختصّ بإخراج الأقوال الكاذبة كما يتوهّم من "المفتاح" بل يُخرِج نحوَ قول الجاهل أيضاً, فالسرّ في التعرّض لإخراج نحو قول الجاهل دون الأقوال الكاذبة مع أنّ هذا القيد يخرجهما جميعاً هو التعريض على السكّاكي حيث جعل التأوّل لإخراج الأقوال الكاذبة فقط.

[2] قوله: [فلا يبطل إلخ] أي: إذا ثبت أنّ قيد التأوّل يُخرِجهما جميعاً فتعريفنا للمجاز العقليّ الذي لم يُذكَر فيه قيدُ عند المتكلِّم لا يبطل طرده أي: كونه مانعاً عن دخول الغير فيه بنحو قول الجاهل.

[3] قوله: [ولقائل أن يقول إلخ] إشارة إلى جواب اعتراض المصـ على السكّاكيّ, حاصله أنّ ما ذكره المصـ من أنّ ما عند العقل هو ما في نفس الأمر أي: بينهما تساو فمردود لأنّ مفهوم ما عند العقل ما حصل عنده وثبت وهذا أعمّ من ما في نفس الأمر لأنه يمكن إدراك الكواذب فيكون الكاذب حاصلاً عنده وهو خلاف ما في نفس الأمر, فـما عند العقل يتناول ما في نفس الأمر وما هو بخلافه.

[4] قوله: [فلا يجوز التعبير عنه به] أي: وإذا كان ما عند العقل أعمّ من ما في نفس الأمر فلا يجوز أن يراد بالأوّل الثاني وحدَه إذ لا دلالة للعامّ على الخاصّ بخصوصه فلا يكون مراداً منه, ولمّا كان الاعتراضُ الثاني وهو منعُ بطلان العكس بما ذكر لو قال ما عند العقل مبنيًّا على أنّ بين ما عند العقل وما في نفس الأمر تساوياً وظهر بطلانه واندفع الاعتراض.

[5] قوله: [وحينئذ يندفع الاعتراض الأوّل أيضاً] أي: وحين إذ كان ما عند العقل أعمّ من ما في نفس الأمر يندفع الاعتراض الأوّل أيضاً وهو منع بطلان الطرد, وحاصله أنه إذ كان ما عند العقل أعمّ كان نحو كسا الخليفة الكعبة داخلاً فيه فلا يدخل في خلاف ما عند العقل فلا بدّ من تبديله بـخلاف ما عند المتكلِّم ليدخل فيه, وبعد التبديل حصل له فائدة مختصّة وهي إدخاله في الحدّ, ولقوله بضرب من التأوّل فائدة خاصّة وهي إخراج الكواذب, وحصل فائدة مشتركة بينهما وهي إخراج قول الجاهل فيصحّ إسنادها إلى كلّ واحد منهما, فلا يتّجه أن يقال أنا لا نُسلِّم بطلان الطرد لو لم يقل ما عند المتكلِّم بدخول قول الجاهل لخروجه بقوله لضرب من التأوّل, لأنّ ذكره لأجل الفائدة المختصّة إذ لولاه لبطل عكس الحدّ وهذه الفائدة مشتركة مترتِّبة على ذكره, فقولُه لئلاّ يمتنع طرده غاية مترتِّبة على قوله وإنّما قلت خلاف ما عند إلخ وقولُه لئلاّ يمتنع عكسه علّة باعثة عليه فافهَمْ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400