وفي نفس الأمر وحينئذٍ[1] يرد عليه قول الجاهل والمعتزلي لمن يعرف حالهما أنبت الله البقل و خلق الله الأفعال كلّها و أضلّ الله الكافر بالتأوّلِ[2] والقصدِ إلى أنه إسناد إلى السبب لأنه إسناد إلى ما هو له في نفس الأمر, وبالجملة[3] إن أراد غير ما هو له في نفس الأمر فقد خرج عن تعريفه أمثال ما ذكر, وإن أراد عند المتكلِّم في الظاهر بقرينة ذكره في مقابلة الحقيقة فقد خرج نحو قول الجاهل والأقوال الكاذبة بقوله: عند المتكلّم في الظاهر وصار قوله: بتأوّل ضائعاً وإسناد إخراج نحو قول الجاهل إليه فاسداً, قلت[4]:
[1] قوله: [وحينئذٍ إلخ] أي: وحين إذ كان مراده غيرَ ما هو له في نفس الأمر يرد عليه قول الجاهل والمعتزليّ إلخ؛ لأنه من المجاز العقليّ لوجود القرينة الصارفة وهي معرفة حالهما وتعريف المصـ للمجاز العقليّ لا يصدق عليه لأنّ الإسناد فيه إلى ما هو له في نفس الأمر فلا يكون جامعاً للأفراد.
[2] قوله: [بالتأوّلِ] متعلِّق بـقول. قوله والقصدِ إلخ تفسير التأوّل. قوله لأنه إسناد إلى ما هو له في نفس الأمر تعليل لقوله يرد عليه إلخ.
[3] قوله: [وبالجملة إلخ] لمّا كان الإشعار خفيًّا قال وبالجملة إلخ أي: ونقول بالجملة مع قطع النظر عن كون كلامه مُشعِراً بما ذُكِر أو لا: إنه لا يخلو إمّا أن يريد بـغير ما هو له غيرَ ما هو له في نفس الأمر أو غيرَ ما هو له عند المتكلِّم في الظاهر فعلى الأوّل يخرج عنه أمثال ما ذُكِر مع أنه مجاز عقليّ فلم يكن التعريف جامعاً, وعلى الثاني يخرج عنه قولُ الجاهل والأقوالُ الكاذبة بقوله عند المتكلِّم في الظاهر فيصير قوله بتأوّل ضائعاً ولم يصحّ نسبة إخراج قول الجاهل إليه لأنه قد خرج قبل والمصـ قد نسبه إليه حيث قال: وقولنا بتأوّل يُخرِج نحوَ ما مرّ من قول الجاهل.
[4] قوله: [قلتُ إلخ] جواب عن الإشكال المذكور, وحاصل الجواب أنا لا نُسلِّم حصرَ المراد في الشِقَّين لوجود الشقّ الثالث وهو المعنى الأعمّ أي: ما يصدق عليه أنه إسناد إلى غير ما هو له سواء كان الغير غيراً في الواقع أو غيراً عند المتكلِّم في الحقيقة أو غيراً عند المتكلِّم في الظاهر, وحين إذ أريد المعنى الأعمّ دخل فيه قولُ الجاهل أنبت الربيع البقل والأقوالُ الكاذبة وقولُ المعتزليّ خلق الله الأفعال كلّها مُخفِياً حالَه, فأخرج جميعَها بقوله بتأوّل إذ لا تأوّل للجاهل ولا للكاذب المتعمِّد ولا للمعتزلي المُخفي حالَه.