أراد بالإسناد إلى غير ما هو له مفهومه الظاهر الأعمّ أعني ما يصدق عليه أنه إسناد إلى غير ما هو له بوجهٍ مّا أعني المغاير في الواقع أو عند المتكلّم في الحقيقة أو في الظاهر, وحينئذٍ يدخل فيه نحو قول الجاهل والأقوال الكاذبة لكون الإسناد فيه إلى غير ما هو له في الواقع, وقول المعتزلي لكونه إلى غير ما هو له عند المتكلّم, فأخرج جميعَها بقوله: بتأوّل وبقي التعريف سالماً, فيخرج عنه[1] ما لا تأوّل فيه ويدخل فيه نحو قول الدهريّ والمعتزليّ: أنبت الله البقل و خلق الله الأفعال كلّها بالتأوّل لكونه إلى غير ما هو له عند المتكلّم, وكذا نحو قول الدهري: أنبت الربيع البقل بتأوّل حين يظهر أنه موحّد لكونه إلى غير ما هو له في الواقع, وكذا نحو قول الموحّد: أنبت الله البقل بتأوّل عند إخفاءِ حاله من الدهريّ وإظهارِ أنه غير معتقد لظاهره بل إنّما أسنده إلى السبب لأنه إلى غير ما هو له عند المتكلّم في الظاهر, لا يقال[2]: العامّ لا يتحقّق إلاّ في ضمن الخاصّ وقد تبيّن فساده فكيف يجوز أن يراد غير ما هو له أعمّ من أن يكون في الواقع أو عند المتكلّم في الحقيقة أو في الظاهر لأنا نقول[3]: فرق بين إرادة مفهوم العامّ وبين تحقّقه, ولا يلزم من عدم تحقّقه إلاّ
[1] قوله: [فيخرج عنه إلخ] أي: فصار تعريف المصـ للمجاز العقليّ مانعاً عن دخول الغير فيه وجامعاً لجميع أقسامه الأربعة كما فصله الشارح.
[2] قوله: [لا يقال إلخ] إشارة إلى اعتراض يرد على الجواب المذكور, وحاصله أنّ العامّ لا يتحقّق إلاّ في ضمن الخاصّ فإمّا أن يوجد هذا العامّ في الشقّ الأوّل أو في الشقّ الثاني وقد تبيّن فساد كلّ منهما بأنه لا يكون التعريف جامعاً للأفراد على الأوّل ويلزم ضياع قوله بتأوّل على الثاني, فحملكم غير ما هو له على المعنى الأعمّ لا يُسمِن ولا يُغني من جوع.
[3] قوله: [لأنا نقول إلخ] جواب عن الاعتراض, وحاصله أنه فرقٌ عظيم بين إرادة العامّ وبين تحقّق العامّ فإنّ تحقّق العامّ يلزم أن يكون في ضمن تحقّق الخاصّ وإرادة العامّ لا تلزم أن تكون في ضمن إرادة الخاصّ, والفساد إنّما هو في إرادة الخاصّ بخصوصه لا في إرادة العامّ بعمومه؛ لأنه إذا أريد الأعمّ فقول الجاهل والمعتزليّ لمن يعرف حالهما وإن خرجا من غير ما هو له في نفس الأمر فقد دخلا في غير ما هو له عند المتكلِّم, وكذا قوله بتأوّل وإن كان ضائعاً بالنسبة إلى خروج قولِ الجاهل والكواذبُ من غير ما هو له عند المتكلِّم لكنْ ليس بضائع بالنسبة إلى خروجهما من غير ما هو له في الواقع.