عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

أنّ إسناد مَيَّزَ ) إلى جذب الليالي (في قول أبي النَجْم) قَدْ أَصْبَحَتْ[1] أُمُّ الْخِيَارِ تَدَّعِيْ * عَلَيَّ ذَنْباً كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعْ * مِنْ أَنْ رَأَتْ رَأْسِيْ كَرَأْسِ الأَصْلَعِ * (مَيَّزَ عَنْهُ قُنْزُعاً عَنْ قُنْزُعٍ *) أي: بعد قُنزُع[2] وهو الشَعر المجتمِع في نواحي الرأس (جَذْبُ اللَّيَالِيْ) أي: مُضِيُّها واختلافُها[3] وفي "الأساس" جَذَبَ الشَهْرُ مَضَتْ عامّتُه (أَبْطِئِيْ أَوْ أَسْرِعِيْ) حالٌ من الليالي على تقدير القولِ[4] أو كونِ الأمر بمعنى الخبر, ويجوز أن يكون منقطِعاً أي: اصْنَعِي ما شئتِ أيّتها الليالي! فلا يتفاوت الحال عندي بعد ذلك ولا أبالي (مجاز) خبر أنّ (بقوله) متعلّق


 



[1] قوله: [قَدْ أَصْبَحَتْ إلخ] فعل ناقص وأُمُّ الْخِيَارِ اسم امرأة اسمه وتَدَّعِيْ خبره, وكُلُّهُ بالرفع على الابتداء ولَمْ أَصْنَعْ خبره أي: لم أصنعه, ومِنْ أَنْ رَأَتْ مفعول له لـتَدَّعِيْ, والأَصْلَعُ مَن انحسر شَعرُ رأسه, ومَيَّزَ عَنْهُ جملة مفسِّرةٌ لرؤية رأسه كرأس الأصلع مبيِّنةٌ لوجه الشبه, والمعنى: أنّ المرأة تدّعي عليّ ذنوباً لم أرتكب شيئاً منها لرؤيتها رأسي كرأس الأصلع فإنّ النساء يبغضن الشيب ويطلبن الشباب.

[2] قوله: [أي: بعد قُنزُع] إشارة إلى أنّ عَنْ بمعنى بعد كما في قوله تعالى: ﴿لَتَرۡكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٖ﴾ [الانشقاق:١٩]. قوله وهو الشَعر إلخ تفسير اللفظ. قوله في نواحي الرأس أي: في أطرافه.

[3] قوله: [أي: مُضِيُّها واختلافُها] إشارة إلى أنّ الجذب في اللغة هو کشیدن فالمعنى: جذب الليالي بعضها بعضاً لكنّ المراد لازمه أي: مُضِيُّها ومجيءُ بعضها خلف بعض, وعبّر الشاعر بالليالي عن مطلق الزمان لأنّ العرب تُؤرِّخ الشهور بالليالي أو للإشارة إلى شدّتها وكثرة الغموم فيها. قوله وفي الأساس إلخ استشهادٌ وإشارة إلى أنّ المعنى: مُضِيُّ أكثر الليالي من عمره.

[4] قوله: [على تقدير القولِ] أي: مقولاً في حقِّها حينَ اليسر أَبْطِئِيْ وحين العسر أَسْرِعِيْ, وذلك لأنّ الإنشاء لا يقع حالاً. قوله أو كونِ الأمر إلخ أي: أو على تقدير كونِ الأمر إلخ هذا توجيهٌ آخر لصحّة الحاليّة. قوله بمعنى الخبر أي: بمعنى قد أبطئتْ أو أسرعتْ, وتعبيره بصيغة الأمر للدلالة على أنها مأمورات بأمره تعالى مسخّرات لحكمه, فحينئذ يتحقّق دليل آخر على كونه موحّداً. قوله ويجوز إلخ أي: ويجوز أن لا يكون حالاً بل يكون استينافاً على طريق الالتفات.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400