بـ اسْتُدِلّ (عقيبَه) أي: عقيبَ قوله: مَيَّزَ عَنْهُ قُنْزُعاً عَنْ قُنْزُعٍ (أَفْنَاهُ) أي: أبا النجم أو شَعر رأسه[1] (قِيْلُ اللهِ) أي: أمره وإرادته (لِلشَّمْسِ اطْلُعِيْ) * حَتَّى إِذَا وَارَاكِ أُفُقٌ فَارْجِعِيْ, فإنه يدلّ[2] على أنه يعتقد أنّ الفعل لله وأنه المُبدِئ والمُعِيد والمُنشِئ والمُفنِي, فيكون الإسناد إلى جذب الليالي بتأوّل بناءً على أنه زمان أو سبب (وأقسامه) أي: المجاز العقليّ (أربعة لأنّ طرَفيه) وهما المسند إليه والمسند (إمّا حقيقتان) وضعيّتان (نحو: أنبت الربيعُ البقلَ أو مجازان) وضعيّان (نحو: أحيَى الأرضَ شبابُ الزمان ) فإنّ المراد بإحياء الأرض[3] تهييجُ القُوَى النامية فيها وإحداثُ نضارتها بأنواع النبات, والإحياءُ في الحقيقة إعطاء الحيٰوة وهي صفةٌ تقتضي الحسّ والحركة الإراديّة وتفتقر إلى البدن والروح, وكذا المراد بشباب الزمان إزديادُ قُواها الناميةِ وهو في الحقيقة عبارة عن كون الحيوان في زمان تكون حرارته الغريزيّة مشبوبة أي: قويّة مشتعِلة (أو مختلفان نحو: أنبت البقلَ شبابُ الزمان ) فيما
[1] قوله: [أي: أبا النجم أو شَعر رأسه] إشارة إلى احتمالين في مرجع ضمير أَفْنَاهُ. قوله أي: أمره فسّر القيل أوّلاً بالأمر إشارةً إلى أنه كما يحتمل الأمر أن يكون مصدراً وأن يكون اسماً كذلك القيل يحتمل أن يكون مصدراً بمعنى گفتن فيكون اطْلُعِيْ مفعولاً له, ويحتمل أن يكون اسماً للمقول فيكون اطْلُعِيْ بدلاً منه أو عطفَ بيان له. قوله وإرادته بيانٌ للمراد بالأمر لعدم الأمر حقيقة عند المُحقِّقين, وأمّا عند القائلين بخطاب كُنْ بعد الإرادة فالأمر بمعناه الحقيقيّ لأنّ اطْلُعِيْ بمعنى كوني طالعة.
[2] قوله: [فإنه يدلّ إلخ] تعليل للاستدلال بقوله أَفْنَاهُ قِيْلُ اللهِ إلخ على أنّ إسناد التمييز إلى جذب الليالي في قوله مَيَّزَ عَنْهُ إلخ مجاز, ولا يجوز أن يكون إسناد أَفْنَاهُ مجازاً وإسناد مَيَّزَ حقيقة لأنّ جملة أَفْنَاهُ قِيْلُ اللهِ مبيِّنة لقوله مَيَّزَ عنه, وحمل الكلام على ما يقتضيه النظر الصحيح واجب ما أمكن.
[3] قوله: [فإنّ المراد بإحياء الأرض إلخ] تعليل لكون المسند مجازاً لغَويًّا مستعملاً في غير ما وضع له. قوله والإحياء في الحقيقة إلخ بيان لما وضع له الإحياء. قوله وكذا المراد بشباب الزمان إلخ تعليل لكون المسند إليه مجازاً لغويًّا. قوله ازدياد قُواها النامية فمعنى أحيى الأرض شباب الزمان: هيّج قُوَى الأرض وأحدث نضارتَها ازديادُ قوّتها النامية. قوله وهو في الحقيقة إلخ بيان لما وضع له الشباب.