وأمّا على مذهب[1] السكّاكي ففيه إشكال (وهو) أي: المجاز العقليّ (في القرآن كثير ﴿وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُ) أي: آيات الله (زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا ﴾ [الأنفال:٢]) لم يقل: منه قوله تعالى [2] أو نحو قوله تعالى إيهاماً للاقتباس وأنّ المعنى:[3] وإذا تليت عليهم آياته زادتهم تصديقاً بوقوع المجاز العقليّ في القرآن كثيراً, والمقصود أنّ إسناد زادتهم إلى ضمير الآيات مجاز لأنها فعل الله تعالى وإنّما الآيات سبب لها (﴿يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ﴾ [القصص:٤]) نُسِب إلى فرعون التذبيحُ الذي هو فعل جيشه لأنه سبب آمر (﴿يَنزِعُ عَنۡهُمَا لِبَاسَهُمَا﴾ [الأعراف:٢٧]) نُسِب نَزْع اللباس عن آدم عليه السلام وحوّاء رضي الله تعالى عنها وهو فعل الله حقيقة إلى إبليس لأنّ سببه الأكل من الشجرة وسبب الأكل وسوسته ومُقاسَمته إيّاهما أنه لهما لمن الناصحين (﴿يَوۡمٗا) نصب على أنه مفعول به لـ تتّقُوْن [4] أي: كيف تتّقُوْن يوم القيامة
[1] قوله: [وأمّا على مذهب إلخ] أي: وأمّا انحصار الأقسام في الأربعة على مذهب السكّاكيّ ففيه إشكال, لأنه يجوز عنده أن يكون المسند في المجاز العقليّ جملةً نحو زيد صام نهاره وزيد نهاره صائم والجملة عنده ليست حقيقة لغَويّة ولا مجازاً لغَويًّا لأنه أخذ الكلمة في تعريف الحقيقة والمجاز.
[2] قوله: [لم يقل: منه قوله تعالى إلخ] أي: كما هو الشائع في أمثال المقام بل أورده بطريق التعداد. قوله إيهاماً للاقتباس الاقتباس أن يؤتى بشيء من القرآن أو الحديث من غير إشارة إلى أنه منه, وإنّما قال إيهاماً لأنّ الظاهر أنه من أمثلةِ المجاز العقليّ الواردةِ في القرآن, وإنّما لم يذكر لفظ نحو ومثله روماً للاختصار مع أنّ المناسب لبيان الكثرة هو التعداد وهو أيضاً من المُحسِّنات وإن لم يعدّوه منها.
[3] قوله: [وأنّ المعنى: إلخ] عطف على الاقتباس وداخل تحت الجارّ أي: وإيهاماً لأنّ المعنى: إلخ, والضمير في عليهم راجع إلى المؤمنين ويكون المراد بهم حينئذ المؤمنون بوقوع المجاز العقليّ في القرآن كثيراً. قوله والمقصود إلخ يعني أنّ الاقتباس مُتوهَّم والمقصود الأصليّ هو البيان أنّ إسناد زيادة إيمان المؤمنين إلى الآيات مجاز من قبيل الإسناد إلى السبب.
[4] قوله: [لـتتّقون] والآية هكذا: ﴿فَكَيۡفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرۡتُمۡ يَوۡمٗا يَجۡعَلُ ٱلۡوِلۡدَٰنَ شِيبًا﴾. قوله يوم القيامة مفعول فيه, جاء به إشارةً إلى أنّ تتّقون بمعنى الاستقبال. وقوله يوماً مفعول به على حذف المضاف أي: عذابَ يوم. قوله إن بقِيتم على الكفر تفسير لقوله تعالى: ﴿إِن كَفَرۡتُمۡ﴾ لأنّ الخطاب للكفّار.