إن بقِيتم على الكفر يوماً (يَجۡعَلُ ٱلۡوِلۡدَٰنَ شِيبًا﴾ [المزّمل:١٧]) نُسِب الفعل إلى الزمان وهو لله تعالى حقيقة, وهذا كناية[1] عن شدّته وكثرة الهموم والأحزان فيه لأنه يتسارَع عند تَفاقُم الأحزان الشيب, أو عن طوله وأنّ الأطفال يبلغون فيه أوانَ الشيخوخة (﴿وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا﴾ [الزلزال:٢]) جمع ثَقل وهو متاع البيت أي: ما فيها من الدفائن والخزائن[2] نُسِب الإخراج إلى مكانه وهو فعل الله تعالى حقيقة (و) هو[3] (غير مختصّ بالخبر) كما يُتوهَّم[4] من تسميته بالمجاز في الإثبات ومن ذكره في أحوال الإسناد الخبريّ (بل يجري في الإنشاء نحو: ﴿يَٰهَٰمَٰنُ ٱبۡنِ لِي صَرۡحٗا﴾ [المؤمن:٣٦]) وقوله تعالى: ﴿فَلَا يُخۡرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلۡجَنَّةِ﴾ [طه:١١٧] فإنّ البناء[5] فعل العَمَلة وهامان سبب آمر وكذا الإخراج فعل الله تعالى وإبليس سبب,
[1] قوله: [وهذا كناية إلخ] أي: وجعل اليوم الولدان شيباً كناية إلخ. قوله أو عن طوله كلمة أو بمعنى الواو لأنّ مجرّد الطول لا يستلزم ما قصد من تفخيم ذلك اليوم وتهويله فلا بدّ من اعتبار كثرة الهموم معه, ويمكن أن يقال إنّ اتّصاف ذلك اليوم بالشدّة وكثرة الهموم والأحزان فيه معلوم بالعقل والنقل فاتّصافه بالطول زيادة في التهويل, فالعطف بـأو إشارة إلى أنّ كلّ واحد من الوصفَين كافٍ فيما قصد. قوله أوانَ الشيخوخة وهو بعد الخمسين, وطول ذلك اليوم خمسون ألف سنة ممّا يعدّون.
[2] قوله: [أي: ما فيها من الدفائن والخزائن] أشار بهذا التفسير إلى أنّ المراد بالأثقال نوع خاصّ منها. قوله نُسِب الإخراج إلى مكانه أي: إلى مكان وقع منه الإخراج فهذا نسبة إلى المفعول به بواسطة من لا إلى المفعول فيه إذ المعنى: وأخرجت الأرض أثقالها من الأرض لا في الأرض.
[3] قوله: [هو] إشارة إلى أنّ قوله غير مختصّ بالخبر عطف على قوله في القرآن كثير.
[4] قوله: [كما يُتوهَّم إلخ] إشارة إلى أنّ قوله وغير مختصّ بالخبر لدفع التوهّم الناشي من تسمية هذا المجاز بالمجاز في الإثبات ومن ذكره في أحوال الإسناد الخبريّ لأنّ الإثبات والنفي وكذا الإسناد الخبريّ إنّما يتصوّر في الخبر فيتوهّم منه أنه مختصّ بالخبر فدفعه بقوله وغير مختصّ بالخبر.
[5] قوله: [فإنّ البناء إلخ] تعليل لكون إسناد البناء والإخراج إلى هامان وإبليس إسناداً إلى غير ما هو له.