المسند حقيقة والمسند إليه مجاز (و أحيى الأرضَ الربيعُ ) في عكسه[1] وهذا التقسيم للطرَفين أوّلاً وبالذات وللإسناد ثانياً وبالعرض, وفيه تنبيهٌ[2] على أنّ الإسناد المجازيّ لا يُخرِج الطرف عمّا هو عليه بل حاله كحال سائر الألفاظ المستعمَلة في أنه إمّا حقيقة أو مجاز, وإزالةٌ لما عسى أن يستبعد من اجتماع مجازين أو حقيقةٍ ومجازٍ في كلام واحدٍ وإن كانا مختلفَين, وانحصار الأقسام[3] في الأربعة ظاهر على مذهب المصنّف لأنه اشترط في المسند أن يكون فعلاً أو معناه فيكون مفرداً وكلُّ مفردٍ مستعمَلٍ إمّا حقيقة أو مجاز, فالمجاز في قولنا[4]: زيد نهاره صائم إنما هو إسناد صائم إلى ضمير النهار, وكذا في قولنا: الحبيب أحياني ملاقاتُه المجاز إسناد الإحياء إلى ملاقاته لا إسناد الجملة الواقعة خبراً إلى المبتدأ
[1] قوله: [في عكسه] أي: فيما المسند مجاز والمسند إليه حقيقة. قوله وهذا التقسيم إلخ إشارةٌ إلى وجه التعرّض لحال الطرَفين في تقسيم المجاز العقليّ وتوجيهٌ لكون هذا التقسيم تقسيماً للمجاز العقليّ.
[2] قوله: [وفيه تنبيهٌ إلخ] بيانٌ للفائدتين في هذا التقسيم فأشار إلى الفائدة الأولى بقوله وفيه تنبيهٌ إلخ وأشار إلى الفائدة الثانية بقوله وإزالةٌ لما عسى إلخ. قوله وإن كانا مختلفَين أي: وإن كان المجازان مختلفَين بأن يكون مجازٌ باعتبار الإسناد ومجازٌ باعتبار اللغة أو كان الحقيقة والمجاز مختلفَين بأن يكون الحقيقة باعتبار الإسناد والمجاز باعتبار اللغة أو بالعكس.
[3] قوله: [وانحصار الأقسام إلخ] بيان لظهور وجه حصر أقسام المجاز العقليّ في الأربعة على مذهب المصـ. قوله لأنه اشترط إلخ دليل لظهور وجه حصر الأقسام في الأربعة. قوله وكلُّ مفردٍ مستعمَلٍ إنما قيّد المفرد بالمستعمل لأنّ اللفظ قبل الاستعمال لا يُسمَّى حقيقةً ولا مجازاً.
[4] قوله: [فالمجاز في قولنا إلخ] تفريع على ما قبل ودفعٌ لتوهّم أنّ المسند في قولنا زيد نهاره صائم ليس بفعل ولا معناه بل جملة نهاره صائم وكذا في قولنا زيد أحياني ملاقاتُه, وحاصل الدفع أنّ الإسناد إلى المبتدأ ليس بحقيقة ولا مجاز عند المصـ كما مرّ فالمجاز عنده إنّما هو إسناد صائم إلى ضمير النهار وإسناد أحياني إلى ملاقاتُه والثاني فعل والأوّل معناه.