ووُصِل حبلهم عقيبَ البَتات, واستظلّ الأنام بظِلال العدل[1] والإحسان, وارتبعوا في رياض الأمن والأمان, كلّ ذلك[2] بميامن دولة سلطانِ الإسلام, ظلِّ الله على الأنام, مالكِ رقاب الأمم, خليفةِ الله في العالَم, حامي بلاد أهل الإيمان, ماحي آثار الكفر والطغيان, ناصرِ الشريعة القويمة, سالكِ الطريقة المستقيمة, باسطِ مهاد العدل[3] والإنصاف, هادمِ أساس الجور والاعتساف, والي[4] لِواء الولاية في الآفاق, مالكِ سرير الخلافة بالاستحقاق, المجتهدِ في نصب سُرادق الأمن والأمان, الممتثلِ لنصّ ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ﴾ [النحل:٩٠], الخالصِ طويّتُه في إعلاء كلمة الله, الصادقِ نيّتُه في إحياء سُنّة رسول الله. شعر: خَلِيْفَةٌ[5]
[1] قوله: [بظلال العدل] الإضافة تشبيهيّة, وتشبيه العدل بالشجرة بجامع الإراحة استعارة بالكناية وإثبات الظلال له استعارة تخييليّة وذكر الاستظلال استعارة ترشيحيّة. قوله وارتبعوا أي: وأخذوا ربعهم أي: منزلهم ودارهم, وإضافة الرياض إلى الأمن بيانيّة.
[2] قوله: [كلّ ذلك] أي: كلّ ما ذكر من السطوع والخمود والاستظلال والارتباع وغيرها. والميامن جمع يمن وهو البركة. والدولة اسم لما يتداول بين الناس مرّة لهذا ومرّة لذلك. قوله ظلِّ الله على الأنام فيه تلميح إلى قوله عليه السلام: إنّ السلطان ظلّ الله في الأرض والمراد بظلّ الله رحمته. قوله خليفةِ الله في العالم أي: مُجرٍ أحكامَه في العالم.
[3] قوله: [باسطِ مِهاد العدل] أي: مُمهِّد فرش العدل, وإضافة المهاد إلى العدل بيانيّة. قوله والإنصاف عطف تفسير. والأساس أصل البناء, والجور الميل عن الحقّ. قوله والاعتساف عطف تفسير.
[4] قوله: [والي إلخ] الوالي المالك. والآفاق نواحي الأرض جمع الأفق, وهي كناية عن جميع الأرض. قوله بالاستحقاق أي: لا بالقهرِ وغيرِ الحقّ, متعلِّق بـمالك. قوله في نصب سُرادق الأمن النصب الإقامة, والسرادق واحد السرادقات وهي التي تُمَدّ فوق صحن الدار, وإضافته إلى الأمن بيانيّة. قوله الخالص طويّته الطويّة الضمير, وإعلاء كلمة الله عبارة عن تنفيذ أحكامه.
[5] قوله: [خَلِيْفَةٌ إلخ] أي: هو خليفة, والخليفة في الأصل كلّ من خلف غيره في أمر من الأمور وقام مقامه ثمّ جُعِل اسماً لمن خلف غيره في المُلك, والتاء فيه للنقل من الوصفيّة إلى الاسميّة لا للتأنيث. قوله مَلِكَ الآفَاقَ سَطْوَتُهُ السطوة القهر وإسناد مَلِكَ إليها مجازيّ من قبيل الإسناد إلى السبب. قوله وَالْحَقَّ خبر لـكَانَ قدّم للحصر, والمُدَى الغاية, وأَيَّةً تأنيث أيّ والتنوين فيه عوض عن المضاف إليه أي: أَيَّةَ جهة سلك كان غاية سلوكه هو إظهار الحقّ, والألف في سَلَكَا للإشباع.