إِذَا مَا زِدْتَهُ نَظَراً أي: يزيدك الله حسناً في وجهه) لِما أودعه[1] من دقائق الحسن والجمال يظهر بعد التأمّل والإمعان, وكقولك: أقدمَني بلدَك حقٌّ لي على فلان أي: أقدمَتْنِي نفسي[2] لأجل حقّ لي عليه, و مَحبّتك جاءت بي إليك أي: جاءت بي نفسي إليك لمَحبّتك, وقول الشاعر: وَصَيَّرَنِيْ هَوَاكِ[3] وَبِيْ * لِحَيْنِيْ يُضْرَبُ الْمَثَلُ أي: صيّرني الله بسبب هَواكِ بهذه الحالة[4] وهو أنّي يُضرَب المَثَل بي لهلاكي في مَحبّتكِ, ففي معرفة الحقيقة[5] في هذه الأمثلة نوع خَفاء ولهذا لم يطّلع عليها بعض الناس, وهذا ردّ على الشيخ عبد القاهر وتعريض له
[1] قوله: [لما أودعه إلخ] تعليل للزيادة. قوله من دقائق الحسن والجمال بيانٌ لـما.
[2] قوله: [أي: أقدمَتْنِي نفسي إلخ] قد تبع المصنِّفُ والشارحُ السكّاكيَّ في تقديره في مثل هذا المثال الفاعل النفس وفيما عداه الله سبحانه وتعالى, ولعلّ هذا التقدير مبنيّ على أنّ الظاهر أنّ الحادث الذي يظهر فاعله يُنسَب إليه والذي لا يظهر فاعله يُنسَب إلى ذاته تعالى لكن لا يخفى أنّ الفعل الصادر ههنا هو القدوم واعتبارُ النفس الناطقة مُقدِماً للبدن تكلّف بارد غير متعارف عند أهل اللغة.
[3] قوله: [وَصَيَّرَنِيْ هَوَاكِ] بكسر الكاف لأنّ الخطاب للمرأة. قوله وَبِيْ لِحَيْنِيْ إلخ الواو مزيدة بين ما هو اسم في المعنى لـصار وهو ضمير المتكلِّم وبين خبره وهو يُضْرَبُ لتأكيد اللصوق بينهما كالواو المزيدة بين الموصوف والصفة لذلك, ويحتمل أن تكون الواو للعطف على لحَيْنِيْ أي: يُضرَب المثل بالأشياء لحَيني ويُضرَب المثل للأشياء بي, إلاّ أنه قدّم المعطوف كما في: عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ السَّلاَمُ, ويحتمل أن تكون للحال أي: صيّرني هواكِ هالكاً والحال أنه يُضرَب بي المثل لهلاكي.
[4] قوله: [أي: صَيّرني الله بسبب هواكِ] إشارة إلى الفاعل الحقيقيّ للتصيير وإلى أنّ إسناده إلى الهوى من قبيل الإسناد إلى السبب. قوله هذه الحالة جعلُ هذا القول مفعولاً ثانياً لـصَيَّر يدلّ على الوجه الأوّل الذي ذُكِر في الحاشية السابقة. قوله وهو أنّي يُضرَب إلخ تفسير لتلك الحالة.
[5] قوله: [ففي معرفة الحقيقة إلخ] تطبيق الأمثلة بالممثَّل له. قوله نوع خَفاء وذلك لكثرة إسنادها إلى الفاعل المجازيّ وترك إسنادها إلى الفاعل الحقيقيّ. قوله ولهذا لم يطّلع عليها بعض الناس إظهار لما في نفس المصـ. قوله وهذا ردّ إلخ إشارة إلى غرض الماتن بقوله ومعرفة حقيقته إلخ.