الحقيقة لم يكن مجازاً فيه نفسه فيكون في الحكم, فاعرِف هذه الجملة[1] وأحسِن ضبطها حتّى تكون على بصيرة من الأمر, وقال الإمام الرازيّ: فيه نظر[2] لأنّ الفعل لا بدّ من أن يكون له فاعل حقيقة لامتناع[3] صدور الفعل لا عن فاعل فهو إن كان ما أضيف إليه الفعل فلا مجاز وإلاّ فيمكن تقديره (وأنكره) أي: المجازَ العقليَّ (السكّاكيُّ) وقال[4]: الذي عندي نظمه في سلك الاستعارة بالكناية بجعل الربيع استعارة بالكناية عن الفاعل الحقيقيّ بواسطةِ
[1] قوله: [فاعرَف هذه الجملة] أي: الضابطة للمجاز العقليّ. قوله وأحسن ضبطها لأنه قد ينساها مَن لا يسعه نسيانها كالسكّاكي والمصـ والإمام الرازيّ رحمهما الله تعالى. قوله حتّى تكون على بصيرة أي: في استخراج الجزئيّات منها.
[2] قوله: [وقال الإمام الرازيّ: فيه نظر إلخ] اعتراض على الشيخ فيما ذهب إليه, قال الشارح في مختصر هذا الشرح: فزعم صاحب "المفتاح" أنّ اعتراض الإمام حقّ وأنّ فاعل هذه الأفعال هو الله تعالى وأنّ الشيخ لم يعرف حقيقتها لخَفائها فتبعه المصـ, وظنّي أنّ هذا تكلّف والحقّ ما ذكره الشيخ.
[3] قوله: [لامتناع إلخ] جوابه أنّ امتناع صدور الفعل لا عن فاعل مسلَّم إذا كان الفعل من الأمور المحقَّقة وأمّا السرور والزيادة والإقدام والتصيير في الأمثلة المذكورة فأمور اعتباريّة متوهَّمة كما مرّ بيانه.
[4] قوله: [وقال إلخ] بيانٌ لإنكاره المجاز العقليّ. قوله الذي عندي مبتدأ. قوله نظمه إلخ خبر, وحاصل ما ذكره أنّ الذي هو مجاز عقليّ عند القوم ليس قسماً برأسه بل هو داخل عندي في الاستعارة بالكناية بجعل الربيع في أنبت الربيعُ البقلَ استعارة بالكناية عن الفاعل الحقيقيّ للإنبات وهو القادر المختار سبحانه وتعالى بواسطة المبالغة في التشبيه والمراد بالمبالغة في التشبيه إدخالُ المشبَّه في جنس المشبَّه به وجعلُه من أفراده ادّعاءً وبواسطة جعل نسبة الإنبات إلى الربيع قرينة للاستعارة.