المبالغة في التشبيه وجعلِ نسبة الإنبات إليه قرينة للاستعارة, وهذا معنى قوله: (ذاهباً إلى أنّ ما مرّ) من الأمثلة (ونحوَه استعارة بالكناية) وهي عنده أن تَذكُر المشبّه وتُريد المشبّه به بواسطة قرينة وهي أن تَنسِب إليه شيئاً من اللوازم[1] المُساوِية للمُشبَّه به مثل أن تُشبِّهَ المنيّة بالسَبُع ثمّ تُفرِدَها بالذكر وتُضِيفَ إليها شيئاً من لوازم السَبُع فتقولَ: مَخالِبُ المَنيّة نَشَبَتْ بفُلان (بناءً على أنّ المراد بالربيع الفاعل الحقيقيّ) للإنبات يعني القادر المختار[2] (بقرينة نسبة الإنبات) الذي هو من اللوازم المُساوِية للفاعل الحقيقيّ (إليه) أي: إلى الربيع (وعلى هذا القياس غيرُه) أي: غيرُ هذا المثال يعني أنّ المراد بالطبيب[3] هو الشافي الحقيقيّ بقرينة نسبة الشفاء إليه, وكذا المراد بالأمير المُدبِّر لأسباب الهزيمة وهو الجيش بقرينة نسبة الهزم إليه, والحاصل[4] أن يُشبَّه الفاعل المجازيّ المذكور بالفاعل الحقيقيّ في تعلّق وجود الفعل به ثُمّ يُفرَد الفاعل المجازيّ بالذكر ويُنسَب إليه شيء من لوازم الفاعل الحقيقيّ
[1] قوله: [من اللوازم إلخ] المراد باللوازم الروادف لازمة كانت أو منفكَّة, والمراد بكونها مساوِية للمشبَّه به أن تكون مختصّة به إمّا مطلقاً كالإنبات المختصّ بالله تعالى أو بالنسبة إلى المُشبَّه كالأظفار فإنّها وإن وجدت في غير السبع المشبَّه به لكنها لا توجد في المنيّة المُشبَّهة.
[2] قوله: [يعني القادر المختار] يعني أنّ تشبيه الربيع بالفاعل الحقيقيّ بعنوان هذا المفهوم الكليّ وإن كان هو الله عزّ وجلّ لا من حيث خصوصيّة ذاته تعالى, وهذا دفع لما يرد على مذهب السكّاكيّ من أنه يلزمه تشبيهُ الربيع بالله تعالى وادّعاءُ أنه عينه, ولا يخفى ما فيه من الركاكة وإساءة الأدب.
[3] قوله: [المراد بالطبيب إلخ] أي: في شفى الطبيبُ المريضَ. قوله وكذا المراد بالأمير إلخ أي: في هزم الأميرُ الجندَ. قوله المُدبِّر لأسباب الهزيمة يعني أنّ تشبيهَ الأمير بالفاعل الحقيقيّ وادّعاءَ أنه عينه بعنوان هذا المفهوم الكليّ لا بعنوان الجيش بخصوصه فلا يلزم ادّعاء أمر ركيك.
[4] قوله: [والحاصل إلخ] أي: وحاصل القياسِ وتقريرِ الاستعارة بالكناية عند السكّاكيّ فيما هو مجاز عقليّ عند القوم أن يُشبَّه إلخ. قوله في تعلّق وجود الفعل به أي: بكلّ من الفاعلَين الحقيقيّ والمجازيّ وإن كان تعلّق الفعل بالحقيقيّ على جهة القيام وبالمجازيّ على جهة أخرى كالتسبّب.