(وفيه) أي: فيما ذهب إليه السكّاكيُّ[1] (نظر لأنه يَستلزِم أنّ المراد بـ عيشة في قوله تعالى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٖ رَّاضِيَةٖ﴾ [الحاقة:٢١] صاحبها لما سيأتي) في الكتاب من تفسير الاستعارة بالكناية على مذهب السكّاكيِّ وقد ذكرناه نحن, وليس كذلك[2] إذ لا معنى لقولنا: هو في صاحب عيشة , وكذا لا معنى لقولنا: خلق من شخص يدفق الماء أي: يصبّه في قوله تعالى: ﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ﴾ [الطارق:٦] (و) يستلزم[3] (أن لا يصحّ الإضافة في) كلّ ما أضيف الفاعل المجازيّ إلى الحقيقيّ نحو ( نهاره صائم لبطلان إضافةِ الشيء إلى نفسه) اللازمةِ من كلامه لأنّ المراد بالنهار[4] حينئذٍ فلان نفسه ولا شكّ في صحّةِ هذه الإضافة ووقوعِها قال الله تعالى: ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ﴾ [البقرة:١٦], ولو مثّل بقولِه تعالى[5]: ﴿ فَمَا رَبِحَت
[1] قوله: [أي: فيما ذهب إليه السكّاكيُّ] مِن ردّ المجاز العقليّ إلى الاستعارة بالكناية.
[2] قوله: [وليس كذلك] أي: مع أنه ليس المراد بـعيشة صاحبها, وانتفاء اللازم يوجِب انتفاءَ الملزوم فينتفي كونه من باب الاستعارة بالكناية. قوله إذ لا معنى لقولنا إلخ لأنه يستلزم ظرفيّة الشيء لنفسه وهي باطلة, وهذا دليل لبطلان اللازم. قوله وكذا لا معنى لقولنا إلخ لأنّ المقصود بقوله تعالى: ﴿خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ﴾ بيانُ مادّة يكون منها الإنسان كما يدلّ عليه سابقه ولاحقه أعني قوله تعالى: ﴿يَخۡرُجُ مِنۢ بَيۡنِ ٱلصُّلۡبِ وَٱلتَّرَآئِبِ﴾ وقوله تعالى: ﴿فَلۡيَنظُرِ ٱلۡإِنسَٰنُ مِمَّ خُلِقَ﴾ لا بيانُ أصله الذي نشأ منه كما في قوله تعالى: ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ﴾ [النساء:١], ومذهبه يستلزم أن يكون المراد بالماء الشخص لأنّه فاعل مجازيّ لـدافق والشخص فاعل حقيقيّ له ويراد عنده بالفاعل المجازيّ الفاعل الحقيقيّ.
[3] قوله: [يستلزم] إشارة إلى أنّ قوله أن لا يصحّ الإضافة إلخ عطف على قوله أنّ المراد بـعيشة إلخ. قوله كلّ ما أضيف إلخ إشارة إلى أنّ المراد أنّ عدم صحّة الإضافة يلزم في كلّ تركيب أضيف فيه الفاعل المجازيّ إلى الفاعل الحقيقيّ لا في نهاره صائم خاصّة.
[4] قوله: [لأنّ المراد بالنهار إلخ] أي: لأنّ المراد بالنهار حين إذ حمل الكلام على الاستعارة فلان نفسه وهو بعينه مرجع الضمير فيلزم إضافة فلان إلى نفسه, وهذا دليل الملازمة. قوله ولا شكّ إلخ إشارة إلى بطلان اللازم من مذهبه. قوله قال الله تعالى إثباتٌ لوقوع هذه الإضافة واستدلالٌ على صحّتها.
[5] قوله: [ولو مثّل بقوله تعالى إلخ] إشارة إلى مجال المناقشة في تمثيل المصـ للإضافة المذكورة بما مثّل لها به أي: ولو مثّل المصـ للإضافة المذكور بقوله تعالى: ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَٰرَتُهُمۡ﴾ أو بقول الشاعر: يَا رَبِّ قَدْ فَرَّجْتَ عَنِّيْ غَمِّيْ * فَنَامَ لَيْلِيْ وَتَجَلَّى هَمِّيْ, كان أدفع للشَغْب أي: للخصام والمجادلة والمنازعة لعدم مجال المناقشة فيهما لأنّ الاستعارة تكون عنده في التجارة والليل وهما فاعلان مجازيّان للربح والنوم وقد أضيفا إلى فاعلين حقيقيّين لهما وهما ضمير الغائبين وضمير المتكلِّم.