يكون احترازاً[1] عن سائر المعارف ولا يكون لتخصيص ما ذكر جهة لأنّ اللفظ الموضوع لمعيّن إنّما هو العلَم وما سواه إنّما وضع ليُستعمَل في معيّن, فينبغي[2] أن يصار إلى ما ذكره بعضهم من أنّ معناه: أوّلَ زمانِ ذكرِه وهو احترازٌ عن إحضاره في ثاني زمانِ ذكره كما في سائر المعارف فإنها لا تفيد أوّل زمان ذكرها إلاّ مفهوماتِها الكليّةَ وإفادتُها للجزئيات المرادة في الكلام إنّما تكون بواسطة قرينة معيّنة لها في الكلام كتقدّم الذكر[3] والإشارة والعلم بالصلة والنسبة ونحو ذلك, ولا يخفى على المُنصِف أنّ الوجه ما ذكرناه أوّلاً[4] (نحو:
[1] قوله: [يكون احترازاً إلخ] أي: وبعد الدواهي المذكورة وهي كونُ الابتداء بمعنى بنفسه ولزومُ اتّحاده بقوله باسم مختصّ به يكون قوله ابتداءً احترازاً عن سائر المعارف لا عن الأمور الثلاثة فقط فلا وجه لتخصيصها بالخروج كما فعله ذلك القائل. قوله لأنّ اللفظ إلخ تعليل لكون قوله ابتداءً احترازاً عن سائر المعارف على تقدير كونه بمعنى بنفسه, وحاصله أنّ قوله ابتداءً على هذا التفسير ومؤدّى قولهم: الموضوع لمعيَّن واحد فيخرج به سائر المعارف غير العلَم فإنها ليس شيءٌ منها بموضوع لمعيَّن بل كلّ واحد منها موضوع ليُستعمَل في معيَّن بخلاف العلَم فإنه موضوع لمعيَّن.
[2] قوله: [فينبغي إلخ] جواب شرط محذوف أي: وإذا جُعِل هذا القيد احترازاً عن سائر المعارف فينبغي أن يُفسَّر قوله ابتداءً بما ذكره بعضهم من أنّ معناه: أوّلَ زمانِ ذكره لأنه يناسب ما يُفهَم من لفظ الابتداء من معنى الأوّليّة فيزول به البعد, وأمّا لزوم اتّحاده بقوله باسم مختصّ به فوارد لأنه إذا خرج بهذا القيد سائر المعارف لم يكن لقوله باسم مختصّ به فائدة.
[3] قوله: [كتقدّم الذكر] في الضمير الغائب والمعرَّف بلام العهد. قوله والإشارة في اسم الإشارة. قوله والعلم بالصلة في الموصول. قوله والنسبة في المعرَّف بالإضافة. قوله ونحو ذلك كقرينة التكلّم والخطاب في ضمير المتكلِّم والمخاطَب.
[4] قوله: [أنّ الوجه ما ذكرناه أوّلاً] لأنّ فيه حملَ الابتداء على المتبادر وعدمَ إغناء القيد الأوّل عن الثاني وسلامةً من لزوم الاستدراك, وهذا دفعٌ لما يتوهّم من قوله فينبغي إلخ من أنّ هذا التوجيه مرضيّ لدى الشارح مع أنه مخالف لما فسّر به أوّلاً, وحاصل الدفع أنّ المرضيّ عنده هو التوجيه الأوّل وأمّا الرضاء بالتوجيه الثالث فبالنسبة إلى التوجيه الثاني.