مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ﴾ [هود:٨٣], ﴿وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعَٰلَمِينَ﴾ [آل عمران:١٠٨] إلى غير ذلك, ولهذا [1] صحّ بلا خلاف جاءني القوم أو العلماء إلاّ زيداً أو إلاّ الزيدَين مع امتناع قولك [2] جاءني كلّ جماعة من العلماء إلاّ زيداً على الاستثناء المتّصل, فإن قيل [3] المفرد يقتضي استيعاب الآحاد والجمع لا يقتضي إلاّ استيعاب الجموع حتّى أنّ معنى قولنا جاءني الرجال : جاءني كلّ جمع من جموع الرجال, وهذا لا ينافي خروج الواحد والاثنَين من الحكم بخلاف المفرد, قلنا لو سُلِّم [4] فلا يُمكِن خروج الواحد والاثنَين أيضاً؛ لأنّ الواحد [5]
[1] قوله: [ولهذا إلخ] أي: ولأجل أنّ الجمع المحلّى بلام الاستغراق يشمل الأفراد كلَّها مثل المفرد المحلّى بلام الاستغراق صحّ بلا تأويل بلا خلاف نحو ½جاءني القوم إلخ¼ فصحّة استثناء واحد أو اثنَين من ½العلماء¼ إنّما هي لأجل أنه يشمل كلَّ فرد مثل استغراق المفرد, والصواب ترك لفظ ½القوم¼ لأنّ الكلام في الجمع صيغةً و½القوم¼ مفرد صيغةً مجموع معنًى لكونه اسماً لجماعة من الرجال, فاستغراقه يكون بمعنى كلّ قوم فلا يصحّ استثناء زيد منه إلاّ باعتبار أنّ مجيء القوم يستلزم مجيء الآحاد.
[2] قوله: [مع امتناع قولك إلخ] أي: من غير تأويل؛ وذلك لعدم تحقّق شرط الاستثناء المتّصل وهو دخول المستثنى في المستثنى منه لولا الاستثناء لأنّ زيداً ليس بجماعة, وأمّا مع التأويل بأن يراد كلّ فرد من كلّ جماعة بناءً على أنّ مجيء الجماعة يستلزم مجيء أفرادها فلا يمتنع.
[3] قوله: [فإن قيل إلخ] استفسار لما ذكره من أنّ الجمع المحلّى بلام الاستغراق يشمل الأفراد كلَّها مثل المفرد, وحاصله أنه كيف يصحّ ما ذكره الأئمّة مع أنّ القياس يقتضي خلافَه؟
[4] قوله: [قلنا لو سُلِّم إلخ] إشارةٌ إلى أنا لا نُسلِّم الفرق المذكور بين الاستغراقَين وأنّ استغراق الجمع المحلّى باللام لا يقتضي إلاّ استيعاب الجموع لأنّ هذا الجمع في مثل هذا الموضع يستعمل بمعنى منكَّرٍ مضافٍ إليه لفظُ ½كلّ¼ فمعنى ½لقيتُ العلماء إلاّ زيداً¼: لقيتُ كلَّ عالم إلاّ زيداً, فلا فرق بين الاستغراقَين, ولو سُلِّم الفرق وأنّ استغراق الجمع لا يقتضي إلاّ استيعابَ الجموع فلا يُمكِن إلخ.
[5] قوله: [لأنّ الواحد إلخ] تعليل لعدم إمكان خروج الواحد والاثنَين من الجمع, وحاصله أنّ كلّ واحد مع اثنَين آخرَين جمع من الجموع وكذا كلّ اثنَين مع واحد آخر جمع من الجموع والمفروضُ أنّ كلّ جمع من الجموع داخل في حكم المجيء فلا يُمكِن خروج الواحد والاثنَين.