عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

وذلك لأنا لا نُسلِّم [1] صحّةَ قولنا وهنت العظام باعتبار وهن البعض, بل الوجه [2] في إفراد العظم ما ذكره صاحب "الكشّاف" وهو أنّ الواحد هو الدالّ على معنى الجنسيّة وقصدُه [3] إلى أنّ هذا الجنس الذي هو العمود والقِوام وأشدّ ما تركّب منه الجسد قد أصابه الوهن, ولو جمع [4] لكان القصد إلى معنى آخر وهو أنه [5] لم يَهِن منه بعض عظامه ولكن كلّها, يعني لو قيل وهنت العظام كان المعنى أنّ الذي أصابه الوهن ليس هو بعض العظام بل كلّها كأنه وقع من سامع شكّ في الشُمولِ والإحاطةِ لأنّ القيد في الكلام [6] ناظر إلى نفي


 



[1] قوله: [وذلك لأنا لا نُسلِّم إلخ] أي: وظهور بطلان ما ذكره السكّاكيُّ من الفرق بين الإسنادَين ثابت لأنا لا نُسلِّم أنه يصحّ أن يقال ½وهنت العظام¼ باعتبار إصابة الوهن لبعض العظام, ووجه عدم التسليم ما مرّ من أنّ الجمع المحلّى بلام الاستغراق يشمل الأفراد كلَّها كما ذكره الأئمّة.

[2] قوله: [بل الوجه إلخ] لمّا أبطل الشارح ما ذكره صاحب "المفتاح" من وجه تركِ جمع العظم والانتقالِ إلى إفراده ذكر الوجه الصحيح في ذلك عنده ناقلاً عن صاحب "الكشّاف" فقال: بل الوجه إلخ.

[3] قوله: [وقصدُه] أي: وقصدُ سيِّدنا زكريّا على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام بإفراد العظم في قوله: ½وهن العظم منّي¼. قوله ½هذا الجنس¼ أي: العظم. قوله ½الذي هو العمود والقِوام¼ فإنّ قِوام سائر الأعضاء بالعظم. قوله ½وأشدّ ما تركّب منه الجسد¼ لأنّ اللحم والشحم والعروق والأعصاب أضعف منه. قوله ½قد أصابه الوهن¼ ويُفهَم منه إصابة الوهن سائرَ الأعضاء التي ليست بهذه المثابة بالطريق الأولى.

[4] قوله: [ولو جمع] أي: ولو قال سيِّدنا زكريّا على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام: ½وهن العظام منّي¼. قوله ½لكان القصد إلى معنى آخر¼ لأنه لا بدّ من نكتة لاختيار لفظ الجمع وترك لفظ المفرد.

[5] قوله: [وهو أنه إلخ] أي: والمعنى الآخر الذي كان القصد إليه لو جمع أنه لم يَهِن من سيِّدنا زكريّا على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام بعضُ عظامه بل كلُّها, وهذا المعنى والمعنى الأوّل وإن كانا متلازمَين لكنهما متفاوتان في القصد فالقصدُ إلى الأوّل مناسب لمقام التضرّع لا القصدُ إلى هذا كما سيجيء.

[6] قوله: [لأنّ القيد في الكلام] كقيدِ العموم والشمول والإحاطة في ½وهن العظام منّي¼ المستفادِ من صيغة الجمع. قوله ½ناظر إلى نفي ما يقابله¼ أي: راجع إليه, والمقابل للكليّة والإحاطة هو البعضيّة فيكون القيد المذكور نفياً للبعضيّة ويكون الكلام مع مَن شكّ في الشمول والإحاطة كما أنّ قولك ½جاءني القوم كلّهم¼ يكون مع مَن يتوهّم أنّ الجائيَ بعضهم لا كلّهم.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400