عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الفعل وهو موصول ومعمول الصلة لا يتقدّم على الموصول[1] لكونه كتقدّم جزء من الشيءِ المترتِّبِ الأجزاءِ عليه هذا, والأظهر[2] أنه جائز إذا كان المعمول ظرفاً أو شبهه, قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ[3] [الصافات:١٠٢] و﴿ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ ﴾ [النور:٢] ومثل هذا كثير في الكلام, والتقدير تكلّف[4] وليس كلّ ما أُوِّل بشيء[5] حكمُه حكمُ ما


 



[1] قوله: [لا يتقدّم على الموصول] أي: فلا يتقدّم معمول المصدر عليه. قوله لكونه كتقدّم إلخ تعليل لعدم تقدّم معمول الصلة على الموصول, وحاصله أنّ مجموع الموصول والصلة كشيء واحد لا يصير أحدهما جزءً من الكلام بدون الآخر وبينهما ترتيب لازم وهو أن تكون الصلة بعد الموصول بلا فصل فلا يجوز تقديم شيء من معمولات الصلة على الموصول لأنه كتقدّم جزء من شيءٍ مترتِّبِِ الأجزاء على ذلك الشيء. قوله هذا أي: هذا ما ذكروه, وإنّما نسبه إلى القوم لعدم ارتضائه به كما ذكره.

[2] قوله: [والأظهر إلخ] مقابل لقوله معمول المصدر لا يتقدّم عليه أي: والأظهر أنّ تقدّم معمول المصدر عليه جائز لكن لا مطلقاً بل إذا كان المعمول ظرفاً زماناً كان أو مكاناً أو شبهَه وهو الجارّ والمجرور لأنه يحتاج إلى الفعل أو معناه مثل احتياج الظرف إليه فهو شبهه.

[3] قوله: [﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعۡيَ] وجه الاستدلال به أنّ المقصود أنّ إسمعيل على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام لمّا بلغ السنَّ الذي قدر فيه على السعي مع إبراهيم على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام في قضاء حوائجه أمرناه بالذبح, وهذا المعنى إنّما يحصل بتعلّق معه بـالسعي, ووجه الاستدلال بالآية الثانية أنّ المقصود النهي عن أخذ الرأفة بالزاني والزانية وهذا إنّما يظهر بتعلّق بهما بـالرأفة.

[4] قوله: [والتقدير تكلّف] دفعٌ لما يرد على الاستدلال بالآيتين من أنّ معه وبهما متعلِّقان بالسعي والرأفة المقدَّرين دون المذكورَين فلا يصحّ الاستدلال بهما, وحاصل الدفع أنّ التقدير تكلّف خلاف الأصل ممّا لا ينبغي أن يصار إليه بلا ضرورة داعية إليه ولا ضرورة ههنا.

[5] قوله: [وليس كلّ ما أُوِّل بشيء إلخ] دفعٌ لتوهّم أنّ الضرورة متحقِّقة هنا لما ذكر سابقاً من أنّ المصدر عند العمل مؤوَّل بـأَنْ مع الفعل إلخ, وحاصل الدفع أنّ المؤوّل بشيء -كالمصدر العامل المؤوّل بـأنْ مع الفعل هنا- لا يشارك ما أُوِّل به -كـأنْ مع الفعل هنا- في جميع الأحكام لجواز أن يكون بعض أحكامه مختصّة بصريح لفظه وحكمُ الامتناع المذكور من قبيل ما يختصّ بالمؤوّل به أي: بـأنْ مع الفعل لظهور التقدّم فيه على الموصول بخلاف المصدر لعدم وجود الموصول فيه في اللفظ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400