أُوِّل به, مع أنّ الظرف ممّا يكفيه[1] رائحة من الفعل لأنّ له شأناً[2] ليس لغيره لتنزّله من الشيء منزلة نفسه لوقوعِه فيه وعدمِ انفكاكه عنه ولهذا اتّسع في الظروف ما لم يتّسع في غيرها (ولكن كان) القسم الثالث (غير مصون) أي: غير محفوظ (عن الحشو) وهو الزائد[3] المستغنى عنه (و) عن (التطويل) وهو الزائد[4] على أصل المراد بلا فائدة, وسيجيء الفرق بينهما في باب الإطناب (و) عن (التعقيد) وهو كون الكلام مُغلَقاً[5] يتوعّر على الذهن تحصيل معناه (قابلاً) خبر بعد خبر أي: كان قابلاً (للاختصار) لما فيه من التطويل (مفتقراً) خبر آخر أي: كان محتاجاً (إلى الإيضاح) لما فيه من التعقيد (و) إلى (التجريد) عمّا فيه
[1] قوله: [مع أنّ الظرف ممّا يكفيه إلخ] دفع ثان للتوهّم المذكور, حاصله أنا لا نسلِّم لزوم تأويل المصدر العامل في الظروف بـأنْ مع الفعل لأنّ تأويله به لأجل العمل ولمّا ثبت الاتّساع في الظروف جاز أن يعمل المصدر فيها لما فيه من معنى الفعل لأنه يدلّ على الحدث وهو أحد أجزاء الفعل.
[2] قوله: [لأنّ له شأناً إلخ] تعليل لكون الظرف ممّا يكفيه رائحة الفعل. قوله لتنزّله إلخ دليل لقوله لأنّ له شأناً إلخ حاصله أنّ نسبة الظرف إلى الشيء كنسبة الشيء إلى نفسه وذلك لأنّ الشيء يقع فيه ولا ينفكّ عنه كما أنّ الشيء لا ينفكّ عن نفسه وليس غير الظرف بهذه المثابة فللظرف شأن ليس لغيره. قوله ولهذا إلخ أي: ولأنّ للظرف شأناً ليس لغيره اعتبر في الظروف ما لم يعتبر في غيرها.
[3] قوله: [وهو الزائد إلخ] أي: والحشو اللفظ الزائد المعيَّن في الكلام المستغنى عنه في أداء أصل المراد كـقَبْلَه في أَعْلَمُ عِلْمَ الْيَوْمِ وَالأَمْسِ قَبْلَهُ.
[4] قوله: [وهو الزائد إلخ] أي: والتطويل الكلام الزائد على أصل المراد بلا فائدة فإنه إذا كان لفائدة يكون إطناباً. قوله وسيجيء الفرق بينهما أي: الفرق الاصطلاحيّ بين الحشو والتطويل وهو أنّ الحشو الزائد المعيَّن كما مرّ, والتطويل الزائد الغير المعيَّن كما في وَأَلْفَى قَوْلَهَا كَذِباً وَمَيْناً.
[5] قوله: [كون الكلام مُغلَقاً] سواء كان لخلل في اللفظ وهو التعقيد اللفظيّ أو لخلل في الانتقال وهو التعقيد المعنويّ, وفي تفسير التعقيد بكون الكلام إلخ إشارة إلى أنّ المصدر مبنيّ للمفعول ليكون صفة للكلام بخلاف المبنيّ للفاعل فإنه صفة للمتكلِّم. قوله يتوعّر أي: يتعسّر.