الحشو (ألّفتُ مختصراً[1]) جواب لمّا أي: كان ما تقدّم[2] سبباً لتأليف مختصر (يتضمّن ما فيه) أي: في القسم الثالث (من القواعد) جمع قاعدة وهي حكم كليٌّ[3] ينطبق على جزئياته ليستفاد أحكامها منه كقولنا[4]: كلّ حكم ألقيتَه إلى المُنكِر يجب توكيده فإنه ينطبق على إنّ زيداً قائم و إنّ عمراً راكب وغير ذلك ممّا يُلقَى إلى المُنكِر بأن يقال هذا كلام مع المنكر وكلّ كلام مع المنكر يجب أن يُؤكَّد فيعلم أنه يُؤكَّد (ويشتمل على ما يحتاج إليه) لا على ما يستغنى عنه[5] ليكون حشواً (من الأمثلة) وهي الجزئيات التي تذكر لإيضاحِ القواعد وإيصالِها إلى فهم المستفيد (والشواهد) وهي الجزئيات التي يستشهد بها في إثبات القواعد لكونها من التنزيل أو من كلام العرب الموثوق بعربيّتهم
[1] قال: [ألّفت مختصراً] لم يقل اختصرته لما في مختصره سوى الاختصار من التجريد والإيضاح.
[2] قوله: [أي: كان ما تقدّم إلخ] إشارة إلى ترتّب الجواب على ما تقدّم من كون علم البلاغة وتوابعها كما ذكر ومن كون القسم الثالث كما ذكر فإنّ لمّا لسببيّة ما قبلها لما بعدها.
[3] قوله: [حكم كليّ إلخ] أي: حكم على كليّ كقولنا كلّ فاعل مرفوع فخرج به نحو زيد مرفوع فإنه حكم جزئيّ, والضمير في ينطبق وجزئيّاته راجع إلى الكليّ, والمراد بانطباقه عليها صدقه وحمله عليها وهذا احتراز عن القضيّة الطبعيّة نحو الإنسان جنس. قوله ليستفاد إلخ اللام فيه لام العاقبة كما في قوله ﴿ فَٱلۡتَقَطَهُۥٓ ءَالُ فِرۡعَوۡنَ لِيَكُونَ لَهُمۡ عَدُوّٗا وَحَزَنًاۗ﴾ [القصص:٨] أي: عاقبة ذلك الانطباق استفادة أحكام الجزئيّات من ذلك الحكم الكليّ.
[4] قوله: [كقولنا إلخ] توضيح القاعدة وتفهيمه بالمثال. قوله يجب توكيده أي: لا بدّ أن يكون مُؤكَّداً. قوله فإنّه ينطبق إلخ أي: لأنه ينطبق إلخ. قوله ممّا يُلقَى إلى المُنكِر بيان للغير. قوله بأن يقال إلخ تصوير للانطباق يعني أنّ معنى انطباقه عليها أنه يمكن أن يصيّر كبرى لصغرى سهلة الحصول كما هنا.
[5] قوله: [لا على ما يستغنى عنه] إشارة إلى الحصر المستفاد من المقام لأنّ المصـ وصف القسم الثالث فيما قبل باشتماله على الحشو ووصف مختصره هنا بأنه يشتمل على ما يحتاج إليه فعلم أنه لا يشتمل على الحشو أي: على ما يستغنى عنه من الأمثلة والشواهد وإليه أشار الشارح بقوله ليكون حشواً وفيه إشارة إلى أنّ الحشو في القسم الثالث بتكثير الأمثلة والشواهد التي لا يحتاج إليها.