فهي أخصّ من الأمثلة[1] (ولم آلُ) من الأَلْو[2] وهو التقصير (جهْداً) بالضمّ والفتح الاجتهاد وعن الفرّاء الجهد بالضمّ الطاقة وبالفتح المَشقّة, وقد استعمل الألو[3] في قولهم لا آلوك جهداً مُعدًّى إلى مفعولين والمعنى لا أمنعك جهداً, وحذف ههنا المفعول الأوّل لأنه غير مقصودٍ أي: لم أمنع اجتهاداً[4] (في تحقيقه) أي: المختصر يعني: في تحقيق[5] ما ذكر فيه
[1] قوله: [فهي أخصّ من الأمثلة] تفريع على ما ذكر من معنى الأمثلة والشواهد, أي: كلّ ما يصلح شاهداً يصلح مثالاً من غير عكس كليّ, فالأعميّة والأخصيّة بينهما إنّما هو باعتبار الصلاحيّة.
[2] قوله: [من الأَلْو] بفتح الهمزة وسكون اللام كالنَصْر أو بالضمّتين كالعُلُوّ. قوله وهو التقصير أي: التواني والتكاسل, وهذا بيان لمعنى الألو في أصل اللغة, وأمّا كونه بمعنى المنع فمجاز مبنيّ على التضمين وهو الاستعمال المشهور كما أشار إليه الشارح بقوله وقد استعمل الألو إلخ, وعلى هذا المعنى المجازيّ حمل الشارح عبارةَ المتن حيث قال وحذف إلخ.
[3] قوله: [وقد استعمل الألو إلخ] إشارة إلى الاعتراض على عبارة المتن وهو أنّ الألو في الاستعمال المشهور يُعدَّى إلى مفعولين كما في قولهم: لا آلوك جهداً ولا آلوك نصحاً وقد خالفه المصـ حيث اقتصر على مفعول واحد. قوله وحذف إلخ إشارة إلى الجواب عنه وحاصله أنّ المصـ قد استعمله ههنا معدّى إلى مفعولين وحذف المفعول الأوّل وهو الكاف فلا مخالفة للمشهور. قوله لأنه غير مقصود إذ المقصود عدم منع الاجتهاد في نفس الأمر والواقع لا عن مخاطب معيّن أو غير معيّن.
[4] قوله: [أي: لم أمنع اجتهاداً] أي: بذلت كلّ الجهد في تحقيقه, وهذا بيان لمعنى مقصود للمصـ, وإنّما حمل الشارح الألو هنا على الاستعمال المشهور لأنه إن لم يحمل عليه فإمّا أن يجعل لازماً بمعنى التقصير والتواني أو متعدِّياً بمعنى الترك فإن جعل لازماً فقوله جهداً إمّا نصب على التمييز أي: من جهة الجهد أو على الحال أي: مجتهداً أو بنزع الخافض أي: في الجهد والكلّ باطل إذ لا إبهام في نسبة التقصير إلى الفاعل, ووقوعُ المصدر حالاً والنصبُ بنزع الخافض ليسا بقياسيّين, وإن جعل متعدِّياً لم يفِ بالمقصود لأنه يستفاد منه أنه لم يترك جهداً في تحقيقه بل جهد فيه والمقصود أنه بذل كلّ الجهد فيه.
[5] قوله: [يعني: في تحقيق إلخ] إشارة إلى الجواب عمّا يرد على قوله في تحقيقه من أنّ التحقيق هو إثبات المسئلة بالدليل و"المختصر" ألفاظ لا تثبت بالدليل إذ الثابت به إنّما هو المعاني, وحاصل الجواب أنّ المراد بتحقيقه تحقيق ما ذكر فيه من الأبحاث فلا إشكال.