وهو ذكر الشيء[1] مرّة بعد أخرى وكثرته أن يكون ذلك فوق الواحد (وتتابع الإضافات) فكثرة التكرار[2] (كقوله) أي: أبي الطيِّب: وَتُسْعِدُنِيْ فِيْ غَمْرَةٍ بَعْدَ غَمْرَةٍ والغمرة ما يغمُرك من الماء, والمراد الشدّة (سَبُوْحٌ) فَعول بمعنى فاعل[3] من السبح وهو شدّة عدْو الفرَس, يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث, وأراد بها فرساً حسنة الجري[4] لا تُتعِب راكبَها كأنها تجري في الماء (لَهَا) صفة سَبُوْحٌ [5] (مِنْهَا) حال من شَوَاهِدُ و(عَلَيْهَا) متعلّق بها و(شَوَاهِدُ)
[1] قوله: [وهو ذكر الشيء إلخ] دفع لما يرد من عدم مطابقة مثال كثرة التكرار بالممثَّل له بأنّ التكرار ذكر الشيء مرّتين أي: مجموع الذكرين فبذكر الشيء أربع مرّات يحصل تعدّد التكرار وبذكره ستّ مرّات يتحقّق كثرة التكرار, فلا يصحّ عدّ البيت الآتي من كثرة التكرار, وحاصل الدفع أنّ التكرار عبارة عن الذكر الثاني المسبوق بالأوّل لا عن مجموع الذكرين, والمراد بالكثرة هنا ما يقابل الوحدة فيكفي لتحقّق كثرة التكرار مجرّد ذكر الشيء ثلاث مرّات ففي البيت كثرة التكرار بلا شبهة لوجود ذكر الضمير لشيء واحد بمعنى واحد فيه ثلاث مرّات.
[2] قوله: [فكثرة التكرار] إشارة إلى أنّ في المثالين لفًّا ونشراً مرتَّباً فالأوّل للأوّل أي: لكثرة التكرار والثاني للثاني أي: لتتابع الإضافات. قوله أي: أبي الطيِّب إشارةٌ إلى مرجع الضمير وتعيينٌ للقائل. قوله وَتُسْعِدُنِيْ إلخ ذكرٌ لصدر البيت, وتُسْعِدُ من الإسعاد وهو الإعانة. قوله من الماء بيان لـما. قوله والمراد الشدّة أي: والمراد بالغمرة هنا الشدّة من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم.
[3] قوله: [فَعول بمعنى فاعل] أي: سَبوح بمعنى سابح. قوله من السبح أي: مشتقّ من السبح وهو في اللغة السباحة في الماء, فقوله وهو شدّة إلخ تفسير اللفظ بالنظر إلى المراد لا بالنظر إلى أصل اللغة. قوله يستوي إلخ دفع لما يرد من أنه يجب أن يقال سَبوحة لأنه صفة للفرس وهو مؤنث سَماعيّ, وحاصل الدفع أنّ الفَعول بمعنى الفاعل يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث فلا يلزم المطابقة هنا.
[4] قوله: [وأراد بها فرساً حسنة الجري إلخ] إشارة إلى أنّ السبوح هنا وإن كان بمعنى فرس شديدة العدو مجازاً لكنه لا يخلو عن رعاية المعنى الأصليّ اللغَويّ فيه في الجملة إذ المراد أنها مع كونها شديدةَ العدو حسنةُ الجري لا تُتعِب راكبَها كأنها تجري في الماء, لأنّ مقام مدح الفرس يقتضي هذه الرعاية ولأنّ الإسعاد لا يتحقّق بدونها فإنّ الفرس الشديدة العدو إن لم تكن كذلك ربما أهلكت راكبها.
[5] قوله: [صفة سَبُوْحٌ] أي: باعتبار المتعلَّق. قوله حال من شَوَاهِدُ لأنه كان في الأصل نعتاً لها ونعت النكرة إذا قدِّم عليها أعرب حالاً. قوله متعلِّق بها أي: بـشَوَاهِدُ لكن بتضمينها معنى الدلالة إذ الشهادة المعدّاة بـعلى تجيء للضرر. قوله فاعل الظرف أي: فاعل متعلَّقه. قوله أعني لَهَا لمّا كان الظروف هنا ثلاثة عيّن المراد بالظرف. قوله لاعتماده إلخ تعليل لجواز كون شواهد فاعلاً للظرف لأنّ الظرف عامل ضعيف لا يعمل بدون اعتماده على شيء من الموصوف والمبتدأ وغيرهما.