وتسمع صوتكِ, يقال فُلاَنٌ بِمَرْأًى مِنِّيْ ومَسْمَعٍ أي: بحيث أراه وأسمع قولَه كذا في "الصحاح" (وفيه نظر) لأنّ كلاًّ[1] من كثرة التكرار وتتابع الإضافات إنْ ثقل اللفظ بسببه على اللسان فقد حصل الاحتراز عنه بالتنافر وإلاّ[2] فلا يخلّ بالفصاحة كيف[3] وقد قال النبيّ عليه السلام: ((اَلْكَرِيْمُ ابْنُ الْكَرِيْمِ ابْنِ الْكَرِيْمِ ابْنِ الْكَرِيْمِ يُوْسُفُ بْنُ يَعْقُوْبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ)) قال الشيخ[4] عبد القاهر قال الصاحب[5]: إيّاك والإضافاتِ المتداخِلةَ فإنّها لا تحسُن, وذكر أنها[6] تستعمل في الهَجاء
[1] قوله: [لأنّ كلاًّ إلخ] بيان لوجه النظر. قوله إن ثقل اللفظ إلخ كما في المثالين المذكورين. قوله عنه أي: عن كلٍّ من كثرة التكرار وتتابع الإضافات. قوله بالتنافر أي: بقيد الخلوص عن تنافر الكلمات يعني أنّ كلاًّ منهما وإن كان مُخِلاًّ بالفصاحة على تقدير سببيّته لثقل اللفظ على اللسان لكنه لا حاجة في صحّة تعريف الفصاحة إلى ذكر الخلوص عنه بعد ذكر الخلوص عن تنافر الكلمات.
[2] قوله: [وإلاّ إلخ] أي: وإن لم يكن اللفظ ثقيلاً على اللسان بسببه فلا يُخِلّ شيء منهما بفصاحة الكلام, وعلى هذا التقدير لا يصحّ ذكر الخلوص عنه في تعريف فصاحة الكلام أصلاً.
[3] قوله: [كيف إلخ] الاستفهام إنكاريّ أي: كيف يصحّ القول بكونهما مُخِلَّين بالفصاحة مطلقاً وقد وقع كلٌّ منهما في كلام أفصح العرب صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حيث قال ((الكريم ابن الكريم إلخ)) فقد وقع فيه الكريم أربعَ مرّات, وأيضاً وقع إضافة الابن الأوّل إلى الكريم الثاني والثاني إلى الثالث والثالث إلى الرابع, ثمّ الكريم الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل.
[4] قوله: [قال الشيخ إلخ] أورد كلامَه تقويةً لما ذكره الشارح في وجه النظر وتمهيداً لقوله وما أورده المصنِّف إلخ, أمّا التقوية فإنّه لمّا علم منه أنّ الإضافات المتداخة إذا سلم من الاستكراه لطُف علم أنّ تتابع الإضافات مطلقاً لا يُخِلّ بالفصاحة بل إذا ثقل اللفظ بسببه على اللسان, وأمّا التمهيد فظاهر.
[5] قوله: [قال الصاحب] وهو أبو القاسم إسمعيل بن عبّاد المُلقَّب بالصاحب أستاذ الشيخ عبد القاهر. قوله إيّاك إلخ أي: بعِّد نفسك من الإضافات المتجاورة المتداخِل بعضُها في حيِّز بعض وهي إمّا مترتِّبةٌ بأن لا يقع بين المضافين غير مضاف كما في بيت المتن وتسمّى إضافات متواصلة أو غيرُ مترتِّبة بأن يقع بينهما غيره كما في الحديث وتسمّى إضافات متفاصلة. قوله فإنّها لا تحسُن أي: في باب البلاغة.
[6] قوله: [وذكر أنها إلخ] أي: وذكر الصاحب أنّ الإضافات المتداخلة تُستعمَل في الهَجاء إذ المقصود منه الذمّ فإيراد الألفاظ والتراكيب القبيحة أدخل فيه لحصول الذمّ لفظاً ومعنى.